كون أبيات قهطم المذكورة بين دار موسى وبين دار عمرو بن العاص؛ فتكون الطريق المذكورة بين أبيات قهطم وبين دار عمرو بن العاص، فلنحمل كلام ابن زبالة على ذلك، ويكون قوله «والطريق بين دار موسى» يعني وما يليها من أبيات قهطم وبين دار عمرو بن العاص.
[دار خالد بن الوليد]
وقد قدمنا أن في محل أبيات الصوافي رباط الفاضل والدار المعروفة بدار الرسام وقف السلامي والباب الذي يدخل منه إلى رباط السلامي، وموضع دار عمرو بن العاص اليوم مؤخر رباط السبيل الذي يسكنه الرجال، وهو مما يلي الشام منه، والطريق التي بينه وبين رباط الفاضل هي زقاق المناصع، وليست اليوم نافذة كما تقدم؛ ويؤخذ مما قدمناه في زيادة المهدي أنه كان عندها رحبة تسمى برحبة المشارب، والله أعلم.
ثم إلى جنب دار عمر ودار خالد بن الوليد. قال ابن شبة وابن زبالة: وهي بيد بني أتوب بن سلمة- يعني ابن عبد الله بن الوليد بن المغيرة- زاد ابن زبالة: أن أيوب بن سلمة اختصم فيها هو وإسماعيل بن الوليد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة، يقول أيوب: هي ميراث وأنا أرثها دونكم بالقعد، أي لأنه أقرب عصوبة، ويقول إسماعيل: هي صدقة، أي فيدخل فيها القريب وإن بعد، فأعطيها أيوب ميراثا بالقعد، انتهى.
وهذا لأن أيوب المذكور كما ذكر ابن حزم وارث آخر من بقي من ولد خالد بن الوليد، قال: لانقراض ولد عمه خالد بن الوليد كلهم. قال: وكان قد كثر ولد خالد بن الوليد حتى بلغوا نحو أربعين رجلا، وكانوا كلهم بالشام، ثم انقرضوا كلهم في طاعون وقع فلم يبق لأحد منهم عقب، انتهى. وروى ابن زبالة عن يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: شكا خالد بن الوليد ضيق منزله إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له:«ارفع البناء في السماء وسل الله السّعة» ورواه ابن شبة، إلا أنه قال: فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اتسع في السماء» وذكر من رواية الواقدي أن خالد بن الوليد حبس داره بالمدينة لا تباع ولا توهب.
قلت: وفي موضعها اليوم مقدم رباط السبيل المتقدم ذكره، وذلك يدل على صغرها، بخلاف غيرها من الدور، ولذلك شكا ضيقها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[دار أسماء بنت حسين]
ثم إلى جنبها دار أسماء بنت الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكانت من دار جبلة بن عمر الساعدي.
قلت: وقد قدمنا ذكر حالها، وبيان محلها، في خامس أبواب المسجد.