وقال النووي في رؤوس المسائل: عن الحافظ أبي موسى الأصبهاني أنه روى عن مالك أنه قال: إذا أراد الرجل أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيستدبر القبلة، ويستقبل النبي صلى الله عليه وسلم، ويصلي عليه ويدعو.
وقال إبراهيم الحربي في مناسكه: تولى ظهرك القبلة، وتستقبل وسطه- يعني القبر-.
وروى أبو القاسم طلحة بن محمد في مسند أبي حنيفة بسنده عن أبي حنيفة قال: جاء أيوب السختياني فدنا من قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فاستدبر القبلة، وأقبل بوجهه إلى القبر، وبكى بكاء غير متباك.
وقال المجد اللغوي: روى عن الإمام الجليل أبي عبد الرحمن عبد الله بن المبارك قال: سمعت أبا حنيفة يقول: قدم أيوب السختياني وأنا بالمدينة فقلت: لأنظرنّ ما يصنع، فجعل ظهره مما يلي القبلة ووجهه مما يلي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكى غير متباك، فقام مقام رجل فقيه.
قلت: فهذا يخالف ما ذكره أبو الليث السمرقندي في الفتاوى عطفا على حكاية حكاها الحسن بن زياد عن أبي حنيفة من أن المسلّم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يستقبل القبلة، وقال السروجي الحنفي: يقف عندنا مستقبل القبلة، قال الكرماني الحنفي منهم: ويقف عند رأسه ويكون وقوفه بين المنبر والقبر مستقبل القبلة.
وعن أصحاب الشافعي وغيره: يقف وظهره إلى القبلة ووجهه إلى الحظيرة، وهو قول ابن حنبل، انتهى.
وقال محقق الحنفية الكمال بن الهمام: إن ما نقل عن أبي الليث من أنه يقف مستقبل القبلة مردود بما روى أبو حنيفة في مسنده عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: من السنة أن تأتي قبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من قبل القبلة، وتجعل ظهرك إلى القبلة، وتستقبل القبر بوجهك، ثم تقول: السلام عليك أيها النبي الكريم ورحمة الله وبركاته.
وقال ابن جماعة في منسكه الكبير: ومذهب الحنفية أنه يقف للسلام والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند الرأس المقدس بحيث يكون عن يساره، ويبعد عن الجدار قدر أربعة أذرع، ثم يدور إلى أن يقف قبالة الوجه المقدس مستدبر القبلة، فيسلم ويصلي عليه صلى الله عليه وسلم. وشذ الكرماني من الحنفية فقال: إنه يقف للسلام عليه صلى الله عليه وسلم مستدبر القبر المقدس مستقبل القبلة، وتبعه بعضهم، وليس بشيء، فاعتمد على ما نقلته، انتهى.
واعتمد السبكي ما تقدم من نسبة ما قاله الكرماني للحنفية، قال: واستدلوا بأن ذلك