للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثبات، فغضبوا وأغلظوا له، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سأل: من يحمل لواء المشركين؟ قيل:

عبد الدار، قال: نحن أحق بالوفاء منهم؟ أين مصعب بن عمير؟ فقال: ها أنا، قال: خذ اللواء، فأعطاه اللواء، وإن حمزة رضي الله عنه حمل على عثمان بن طلحة حامل لواء المشركين فقطع يده وكتفه حتى انتهى إلى مؤتزره «١» ، ثم إن أصحاب اللواء قتلوا واحدا بعد واحد، فانكشف المشركون منهزمين، ونساؤهم يدعون بالويل والثبور، وتبعهم المسلمون يضعون فيهم السلاح، ووقفوا يأخذون الغنائم، فلما رأى الرماة ذلك أقبل جماعة منهم وخلوا الجبل، فكر خالد بالخيل، فتبعه عكرمة، فحملوا على من بقي من الرماة فقتلوهم وقتلوا أميرهم عبد الله بن جبير، وانتقضت صفوف المسلمين، ونادى إبليس: قتل محمد، وثبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما يزول، يرمي عن قوسه حتى صارت شظايا، ويرمي بالحجارة، وثبت معه عصابة من الصحابة أربعة عشر من المهاجرين فيهم أبو بكر وعمر وسبعة من الأنصار، اه.

وروى النسائي عن جابر قال: لما ولّى الناس يوم أحد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم في اثني عشر رجلا من الأنصار فيهم طلحة.

ووقع عند الطبري من طريق السدي قال: تفرق الصحابة فدخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل، وثبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو الناس إلى الله، فرماه ابن قميئة بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشجه في وجهه فأثقله، فتراجع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاثون رجلا، فجعلوا يذبون عنه «٢» ، فحمله منهم طلحة وسهل بن حنيف، فرمي طلحة بسهم فيبست يده، وقال بعض من فر إلى الجبل: ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي يستأمن لنا من أبي سفيان، فقال أنس بن النضر: يا قوم إن كان محمد قتل فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه، ثم ذكر قصة قتله، وقصد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجبل، فأراد رجل من أصحابه أن يرميه بسهم، فقال: أنا رسول الله، فلما سمعوا ذلك فرحوا به، واجتمعوا حوله، وتراجع الناس.

وروى أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال: رأيت عن يمين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعن يساره يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد، وقد أخرجه الشيخان، وفي رواية لمسلم: يعني جبريل ومكائيل، وقول مجاهد: «لم تقاتل الملائكة يومئذ ولا قبله ولا بعده، إلا يوم بدر» . قال البيهقي: أراد به أنهم لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا الرسول ولم يصبروا على ما أمرهم به.


(١) المؤتزر: النصف الأسفل من البدن. والموضع الذي يلبس فيه الإزار.
(٢) ذبّ عنه: دافع عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>