حتى قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان جداره قبل أن يظلل قامة، فكان إذا فاء الفيء ذراعا وهو قدمان يصلي الظهر، فإذا كان ضعف ذلك صلّى العصر، ثم نقلا عنه تفسير السميط والسعيدة والأنثى والذكر بما تقدم، ولم يذكرا ذرعا.
وفي الإحياء عن الحسن مرسلا: لما أراد صلّى الله عليه وسلّم أن يا بني مسجد المدينة أتاه جبريل فقال: ابنه سبعة أذرع طولا في السماء، ولا تزخرفه، ولا تنقشه، انتهى.
وتقدم فيما نقله الأقشهري عن صاحب السيرة عن جبريل عليه السلام في ارتفاعه سبعة أذرع، وقيل: خمسة.
وأسند يحيى عن أسامة بن زيد عن أبيه قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه حجر، فلقيه أسيد بن حضير، وذكر ما قدمناه، ثم قال: قال- يعني زيدا- ورفعوا الأساس قريبا من ثلاثة أذرع على الأرض بالحجارة، وكان في جوف الأرض قبور جاهلية، فأمر بالقبور فنبشت فرمى بعظامها، وأمر بها فغيبت، وكان في المربد ماء مستنجل فسربه حتى ذهب، وكان الذين أسسوا المسجد جعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، وفي الجانبين الآخرين مثل ذلك فهو مربع، ويقال: إنه كان أقل من مائة ذراع، وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: باب في مؤخره، أي وهو في جهة القبلة اليوم، وباب عاتكة الذي يدعى باب عاتكة ويقال باب الرحمة، والباب الذي كان يدخل منه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو باب آل عثمان اليوم، وهذان البابان لم يغيرا بعد أن صرفت القبلة، ولما صرفت القبلة سد النبي صلّى الله عليه وسلّم الباب الذي كان خلفه وفتح هذا الباب، وحذاء هذ الباب- أي ومحاذيه- هذا الباب الذي سد. وعبر ابن النجار عن ذلك بقوله: ولما صرفت القبلة سد الباب الذي كان خلفه وفتح بابا حذاءه. قال المجد: أي تجاهه، انتهى.
وذكر الأقشهري في خبر عن ابن عمر ما يخالف هذا، فإنه قال: وعن عبد الله بن عمر قال: كان مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في زمانه من اللبن، وسقفه من غصن النخل، وله ثلاثة أبواب: باب في مؤخره، وباب عاتكة وهو باب الرحمة، والباب الذي كان يدخل منه وهو باب عثمان، وهو الذي يسمى اليوم باب جبريل، ولما صرفت القبلة سد الباب الذي خلفه وفتح الباب الآخر، وهو الذي يسمى باب النساء، انتهى. وهو غريب، ولعل قوله:«وهو الذي يسمى باب النساء» من تصرفه وفهمه في معنى الخبر، ولذلك أورد عقبه حديث أبي داود مرفوعا «لو تركنا هذا الباب للنساء» لكن أبو داود بيّن أن الأصح أنه من قول عمر كما سيأتي، وعلى ما ذكره فلم يجعل للمسجد بعد التحويل بابا خلفه، وباب عن يمين المصلى، وباب عن يسار المصلى، ثم انتهوا إلى البناء باللبن، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحمل معهم اللبن في ثيابه ويقول: