للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيما ذكره ابن النجار مناقشة: أما ما ذكره من التحديد بالدرابزينات من جهة القبلة وبالخشبتين من جهة الشام، فالخشبتان اليوم غير معروفتين، وقد نبه على فقدهما الزين المراغي، وكلام المطري يفهمه، ولم أر لهما ذكرا في كلام المتقدمين، نعم ذكر ابن زبالة كلاما فيه غموض يقتضي تحديد بعض جهات المسجد بعودين علا الكبس على أحدهما، وأن الآخر كان موجودا في زمانه، فلعل ذلك مأخذ ابن النجار، وعبارة ابن زبالة تنبو «١» عن ذلك؛ إذ لم يذكرهما في حد جهة الشام، والحد من هذه الجهة اليوم- على ما يعرف في زماننا- الحجران الآتي ذكرهما في صحن المسجد، وسيأتي ما يقتضي رد ذلك.

وذكر ذلك ابن جماعة في منسكه فقال: قد عرّف المتأخرون مقدار المسجد الذي كان عليه أولا فقالوا: كان على التربيع من الحجرة المقدسة إلى مكان السارية السابعة من جهة المغرب، ومن موضع الدرابزين الذي هو بين الأساطين المتصل بالصندوق أمام المصلى الشريف إلى موضع الحجرين المغروزين في صحن المسجد الشريف، انتهى.

ومستنده في ذلك قول المطري في الحجرين المذكورين يذكر أنهما حد المسجد من جهة الشام والمغرب، قال: لكنهما ليسا على سمت المنبر الشريف، بل هما داخلان إلى جهة المشرق بمقدار أربعة أذرع أو أقل، وكذا متقدمان إلى القبلة بمثل ذلك، قال: لأني اعتبرت ذلك بالذرع فوجدتهما ليسا على ذرع المسجد الأول.

قلت: كونهما داخلين عن سمت المنبر إلى جهة المشرق بما ذكر لا يقدح في كونهما الحد المذكور؛ لأن المراد أن جهة المغرب هناك في سمتهما، كما أن المراد أن جهة الشام في سمتهما، لا أنها ما يحاذي الحجرين فقط، ووقع الاستغناء عن تحرير ابتداء جهة المغرب بما تقدم له نقلا عن ابن النجار من الأسطوانة التي تلي المنبر من تلك الجهة، كما استغنى بكون الحجرة الشريفة حده من جهة المشرق؛ إذ لم يذكر حد لجهة المشرق مما يلي الحجرين في جهة الشام، وفي الحقيقة لم يقصد بهما سوى بيان جهة الشام، على أنه يحتمل أن مقدم المسجد كان أعرض من مؤخره كما هو موجود اليوم، فيكون الحجران حده من جهة المغرب حقيقة، وأما قوله إنهما متقدمان إلى القبلة بأربعة أذرع وإنهما ليسا على ذرع المسجد الأول يعني السبعين التي ذكرها ابن النجار فقد بناه على ما قاله أيضا من أن الدرابزينات التي ذكرها ابن النجار من جهة القبلة متقدمة على موضع الحائط القبلي؛ لأن الحائط القبلي كان محاذيا لمصلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنما جعل هذا الصندوق الذي في قبلة المصلى الشريف أي بين المصلى والدرابزينات سترة بين المقام الشريف وبين الأسطوانات، قال: وورد أيضا أنه كان بين الحائط القبلي وبين المنبر ممر الشاة، وبين


(١) تنبو: تختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>