الوليد، وإن قلنا بأن نهاية المسجد النبوي المربعة الأولى التي تلي القبلة كما سبقت الإشارة إليه فحينئذ يكون لعمر رضي الله عنه منها إلى جهة المغرب أسطوانتان فيكون نهاية زيادة الأسطوانة السادسة من المنبر، وفي صفها أسطوان مربع قدر الجلسة أيضا أمام الأسطوانة المثمنة اليوم، وتكون زيادة عثمان رضي الله عنه إلى الأسطوانة التي بعدها في جهة المغرب وهي السابعة، وتبقى للوليد منها إلى جدار المسجد ثلاثة أساطين، وسيأتي في عمارته رواية تقتضي ذلك، على أن الذي أفهمه من كلام متقدمي المؤرخين كما قدمناه في حدود المسجد أن المربعة حيث أطلقت في جهة المغرب فالمراد بها الأسطوانة المقابلة لمربعة القبر في جهة المغرب عند ركن صحن المسجد قبل زيادة الرواقين الآتي بيانهما، وهي المثمنة اليوم، وفي ركني الصحن الشاميين أسطوانتان على هيأتها أيضا، وتثمينها حادث كما تقدم بيانه، ويعبرون عنها بالمربعة الغربية، وهي السادسة من المنبر؛ فيترجح بذلك أنها نهاية زيادة عمر وابتداء زيادة عثمان رضي الله عنه، ولو كان كما زعم المطري ومن تبعه لكان بعد نهاية زيادة عثمان رضي الله عنه في المغرب خمس أساطين، فيكون كلها للوليد، ولا قائل بذلك، وفيما قدمناه في تحديد المسجد النبوي كفاية في رد ما قالاه.
وروى يحيى عن عبد الله بن عطية بن عبد الله بن أنيس قال: بنى عثمان المسجد بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده حجارة منقوشة، وبها عمد الحديد فيها الرصاص، وسقفه ساجا، وجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه ست أبواب على ما كان على عهد عمر رضي الله عنه: باب عاتكة، أي المعروف بباب الرحمة، والباب الذي يليه أي يقرب من محاذاته في المشرق، وهو باب النساء، وباب مروان: أي المعروف بباب السلام، والباب الذي يقال له باب النبي صلّى الله عليه وسلّم: أي المعروف بباب جبريل، وبابين في مؤخر المسجد.
قلت: قوله: «وجعل طوله ستين ومائة ذراع» مخالف لما تقدم من كونه زاد فيه من جهة الشام خمسين ذراعا؛ لأنه قد تقدم أن عمر رضي الله عنه جعل طول المسجد أربعين ومائة ذراع، فلو زاد فيه عثمان خمسين ذراعا لكان طوله في زمنه تسعين ومائة ذراع، على أن الأقرب أن طوله في زمن عثمان كان ستين ومائة ذراع، لما سيأتي في الزيادة بعده. وقوله «وعرضه خمسين ومائة ذراع» مخالف لما تقدم من كونه لم يزد من جهة المغرب سوى أسطوانة واحدة، ولم يزد في جهة المشرق شيئا، بل هذه الرواية خطأ؛ للاتفاق على أن عثمان رضي الله عنه لم يزد من جهة المشرق شيئا؛ فيكون نهايته في زمنه الحجرة الشريفة، وذرع المسجد اليوم من جداره الغربي إلى جدار الحجرة الشريفة لا يبلغ خمسين ومائة ذراع، بل ينقص عن ذلك أكثر من سبعة أذرع، ثم تبقى زيادة الوليد من جهة المغرب، وهي متفق