وأراده، وشاور فيه، وكتب إليه الحسن بن زيد يصف له ناحية موضع الجنائز، ويقول: إن زيد في المسجد من ناحيته الشرقية توسط قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم المسجد، فكتب إليه أبو جعفر: إني قد عرفت الذي أردت، فاكفف عن ذكر دار الشيخ عثمان بن عفان رضي الله عنه، فتوفي أبو جعفر ولم يزد فيه شيئا، ثم حج المهدي- يعني ابن أبي جعفر- سنة ستين ومائة، فقدم المدينة منصرفه عن الحج، فاستعمل عليها جعفر بن سليمان سنة إحدى وستين ومائة، وأمر بالزيادة فيه، وولّى بناءه عبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز وعبد الملك ابن شبيب الغساني، فمات ابن عاصم، فولي مكانه عبد الله بن موسى الحمصي، وزاد فيه مائة ذراع من ناحية الشام، ولم يزد في القبلة ولا في المشرق والمغرب شيئا، وذلك عشر أساطين في صحن المسجد إلى سقائف النساء، وخمسا سقائف النساء الشامية.
وروى يحيى ذلك من طريق ابن زبالة وغيره، وقال في رواية له عقب قوله واستعمل عليها جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس: وأمره بالزيادة في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وولاه بناءه هو وعبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز بن مروان وعبد الملك بن شبيب الغساني من أهل الشام، فزيد في المسجد من جهة الشام إلى منتهاه اليوم، وكانت زيادته مائة ذراع، ولم يزد فيه من المشرق ولا المغرب ولا القبلة شيئا.
قلت: ما روياه من أنه زاد في مؤخر المسجد مائة ذراع يخالفه ما تقدم في زيادة الوليد أنه جعل طوله مائتي ذراع؛ لأنه يقتضي أن يكون طول المسجد بعد زيادة المهدي ثلاثمائة ذراع، وطول المسجد اليوم على ما صرح به ابن زبالة مائتا ذراع وأربعون ذراعا، وقد اختبرته فزاد على ذلك ثلاثة عشر ذراعا كما سيأتي، ومع ذلك فهو مؤيد لما قدمناه من الاحتمال المتبادر إلى الفهم في الرواية المتقدمة في زيادة الوليد المقتضي لأن نهاية المسجد من جهة الشام في زمنه كانت بعد أربع عشر أسطوانة من مربعة القبر، ومنها إلى آخر المسجد أربع وعشرون أسطوانة فإذا أسقطنا من ذلك أربع عشرة للوليد بقي عشرة أساطين وقدرها نحو مائة ذراع، وهذا معنى قوله في الرواية المتقدمة «وذلك عشر أساطين في صحن المسجد إلى سقائف النساء» أي إلى آخر سقائف النساء، وهي المسقف الشامي، وقوله «وخمس في السقائف» أي من العشرة المذكورة، مع أنه يقتضي أن المهدي جعل المسقف المذكور خمس أساطين، وهذا كان في ذلك الزمان كما سنوضحه، وهو اليوم أربع فقط، وقد قدمنا ترجيح أن المراد مما ذكر في زيادة الوليد أنه جعل أربع فقط، وقد قدمنا ترجيح طأن المراد مما ذكر في زيادة الولدي أنه جعل أربع عشرة أسطوانة في الرحبة بما فيها من أربع أساطين في السقائف التي كانت أولا، وأنه جعل السقائف الشامية في زمنه بعد الأربع عشرة المذكورة؛ لموافقة ما ذكره في ذرع المسجد في زمنه ولما ذكر في زيادة عثمان رضي الله عنه من أنه