للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بئر إهاب: وفي نسخة لابن زبالة «بئر الهاب» والأول هو الصواب الذي اعتمده المجد.

روى ابن زبالة عن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بئر إهاب بالحرة وهي يومئذ لسعد بن عثمان، فوجد ابنه عبادة بن سعد مربوطا بين القرنين يفتل، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث سعد أن جاء فقال لابنه: هل جاءك أحد؟ قال: نعم ووصف له صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحقه وحلّه، فخرج عبادة حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس عبادة وبرك فيه، قال: فمات وهو ابن ثمانين وما شاب، قال: وبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئرها.

قال: وقال سعد بن عثمان لولده: لو أعلم أنكم لا تبيعونها لقبرت فيها، فاشترى نصفها إسماعيل بن الوليد بن هشام بن إسماعيل، وابتنى عليها قصره الذي بالحرة مقابل حوض ابن هشام، وابتاع نصفها الآخر إسماعيل بن أيوب بن سلمة، وتصدقا بما ابتاعا من ذلك.

قلت: وهي المذكورة في حديث أحمد المتقدم في بدء شأن المدينة وما يؤول إليه أمرها، لقوله فيه «خرج حتى أتى بئر الإهاب، قال: يوشك أن يأتي البنيان هذا المكان» .

وفي حديث عبادة الزرقي أنه يصيد القطا فيرقى بئر إهاب، وكانت لهم، الحديث المتقدم في صيد الحرم، وهي بالحرة الغربية بئر، غير أنها لا تعرف اليوم بهذا الاسم، إلا أن حوض ابن هشام الذي في مقابلتها كان عند فاطمة بنت الحسين التي رجّح المطّري أنها المسماة اليوم بزمزم كما سيأتي أيضا في خبر بئر فاطمة المذكورة، فلما بنى إبراهيم بن هشام داره بالحرة بعد وفاة فاطمة وأراد نقل السوق إليها صنع في حفرته التي بالحوض مثل ما صنعت فاطمة، فلقي جبلا، فسأل إبراهيم بن هشام بن عبد الله بن حسن بن حسن أن يبيعه دار فاطمة، فباعه إياها، أي من أجل البئر التي احتفرتها فاطمة في دارها.

وقال المطري: إن ابن زبالة ذكر عدة آبار أتاها النبي صلى الله عليه وسلم وشرب منها وتوضأ، لا نعرف اليوم شيئا منها.

قال: ومن جملة ما ذكر بئر بالحرة الغربية في آخر منزلة النقاء، وذكر ما سيأتي في بئر السقيا.

ثم قال ما لفظه: ومنها بئر أخرى إذا وقفت على هذه- يعني بئر السقيا- وأنت على جادّة الطريق وهي- يعني السقيا- على يسارك كانت هذه على يمينك، ولكنها بعيدة عن الطريق قليلا في سند من الحرة قد حوّط حولها ببناء مجصّص، وكان على شفيرها حوض من حجارة تكسر، ولم يزل أهل المدينة قديما وحديثا يتبركون بها، ويشربون من مائها، وينقل إلى الآفاق منها، كما ينقل من ماء زمزم، ويسمونها زمزم أيضا لبركتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>