للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أصلحت بعده، ولذا قال المطري: إنها في حديقة كبيرة محوط عليها محائط، وعندها في الحديقة أيضا بئر أصغر منها، والناس يختلفون فيهما أنهما بئر البصة، إلا أن ابن النجار قطع بأنها الكبرى القبلية، وذكر ما تقدم عنه في طولها وعرضها، ثم قال: والصغرى عرضها ستة أذرع، وهي التي تلي أطم مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما. قال: وسمعت من أدركت من أكابر الخدام وغيرهم من أهل المدينة يقولون:

إنها الكبرى القبلية، وإن الفقيه الصالح القدوة أبا العباس أحمد بن موسى بن عجيل وغيره من صلحاء اليمن إذا جاؤوا للتبرك بالبصة لا يقصدون إلا الكبرى القبلية.

قلت: الظاهر أن ذلك كله ناشئ عما ذكره ابن النجار في وصفها، لكن يرجّح أنها الصغرى كونها إلى جانب الأطم المذكور، وقد قال فيه ابن زبالة كما تقدم في المنازل: إنه المسمى بالأجرد، وإنه الذي يقال لبئره البصة، كان لمالك بن سنان، والكبرى بعيدة عن الأطم المذكور.

وقد ابتنى قاضي المدينة زكي الدين بن أبي الفتح بن صالح تغمده الله برحمته على محلّ هذا الأطم منزلا حسنا، وجعل للبئر الصغرى درجا ينزل إليها منه، وعمر البئر الكبرى أيضا لما استأجر الحديقة لولده بعد أن أجرها هو وشريكه في النظر في الولاية السلطانية لغيره، وهي من جملة أوقاف الفقراء، وقفها شيخ الخدام عزيز الدولة ريحان البدري الشهامي على الفقراء الواردين والصادرين للزيارة على ما ذكره المطري، قال: وذلك بعد وفاته بعامين أو ثلاثة، ووفاته سنة سبع وتسعين وستمائة، اه.

وفي غربي البئر الصغرى بجانب الحديقة من خارجها سبيل للدوابّ يملأ منها، وعليه موقوف قطعة نخل تعرف بالركبدارية شماليّ سور المدينة.

بئر بضاعة: - بضم الموحدة على المشهور، وحكى كسرها، وبفتح الضاد المعجمة، وأهملها بعضهم، وبالعين المهملة، بعدها هاء- غربيّ برحاء إلى جهة الشمال، بينهما غلوة سهم سبقي.

روينا في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو يقال له: إنه يستفي لك من بئر بضاعة، وهي بئر تلقي فيها لحوم الكلاب والمحائض وعذر الناس- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الماء طهور لا ينجّسه شيء» .

ورواه أحمد، وصححه النسائي، والترمذي وحسّنه، والدارقطني وقال فيه «من بئر بضاعة بئر بني ساعدة» وابن شبّة إلا أنه قال «وعذر النساء» بدل قوله «وعذر الناس» وابن ماجه وزاد «لا ينجسه شيء إلا ما غلب عليه ريحه وطعمه ولونه» .

وفي رواية للنسائي عن أبي سعيد قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال «الماء لا ينجسه شيء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>