وعن زيد بن سعد قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما إلى أبي الهيثم بن التيهان رضي الله تعالى عنه في جاسوم، فشرب من جاسوم، وهي بئر أبي الهيثم، وصلّى في غائطه.
وروى الواقدي عن الهيثم بن نصر الأسلمي قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ولزمت بابه، فكنت آتيه بالماء من بئر جاسم، وهي بئر أبي الهيثم بن التيهان، وكان ماؤها طيبا، ولقد دخل يوما صائما ومعه أبو بكر على أبي الهيثم، فقال: هل من ماء بارد؟ فأتاه بشجب فيه ماء كأنه الثلج، فصبّ منه على لبن عنز له وسقاه ثم قال له: إن لنا عريشا باردا، فقل فيه يا رسول الله عندنا، فدخله وأبو بكر، وأتى أبو الهيثم بألوان من الرّطب، الحديث، وأشار الحافظ ابن حجر إلى أنه يؤخذ منه أن هذه القصة هي التي في الصحيح عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار ومعه صاحب له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان عندك ماء بائت هذه الليلة في شجب وإلا كرعنا، قال: والرجل يحول الماء في حائطه، فقال الرجل:
يا رسول الله عندنا ماء بائت، فانطلق إلى العريش، قال: فانطلق بهما فسكب في قدح ثم حلب عليه من داجن له، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم شرب الرجل الذي جاء معه.
قلت: وهذه البئر غير معروفة اليوم، وتقدم بيان جهتها في مسجد راتج.
بئر جمل: بلفظ الجمل من الإبل- روى ابن زبالة عن ابن عبد الله بن رواحة وأسامة بن زيد قالا: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر جمل، وذهبنا معه، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل معه بلال، فقلنا: لا نتوضأ حتى نسأل بلالا كيف توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالا: فسألناه، فقال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والخمار، وفي صحيح البخاري حديث «أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل، فسلم عليه- الحديث» .
وفي رواية للدار قطني «أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل» .
وفي أخرى له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ذهب نحو بئر جمل ليقضي حاجته، فلقيه رجل مقبل فسلّم عليه» .
وفي رواية النسائي «أقبل من نحو بئر الجمل» وهو من العقيق، قاله المجد، قال: وهي بئر معروفة بناحية الجرف بآخر العقيق، وعليها مال من أموال أهل المدينة، قال: ويحتمل أنها سميت بجمل مات فيها، أو برجل اسمه جمل حفرها.
قلت: وهي غير معروفة اليوم، ولم أر من سبق المجد لكونها بالجرف غير ياقوت.
وقوله «وهو من العقيق» لم أره في السنن الصغرى للنسائي، ويبعده سوق الروايات السابقة لقوله «ذهب نحو بئر جمل ليقضي حاجته» وفي أخرى أن الرجل توارى في السكة، والمعروف بقضاء الحاجة إنما هو ناحية بقيع الحجبة، وهو ناحية بئر أبي أيوب، وهناك