للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابع: ما قدمناه من الظفر بمسجد بئر السقيا بالمدينة.

الثامن: أن المجد نقل عن الواقدي في ترجمة بقع أنه بضم الموحدة من السقيا التي بنقب بني دينار، وسنبين في نقب بني دينار أنه الطريق التي في الحرة الغربية إلى العقيق.

وأما قول المجد «إنه لم يكن عند هذه البئر بيوت في وقت، ولم ينقل ذلك» فمن العجائب؛ إذ من تأمل ما حول البئر المذكورة وما قرب منها علم أنه كان هناك قرى كثيرة متصلة، فضلا عن بيوت، كما يشهد به آثار الأساسات ونقض العمارات، وليت شعري أين هو من مسجد السقيا الذي أهمله تبعا لغيره ومنّ الله بوجوده بسبب التأمل في تلك الأساسات وآثار العمارات؟ ولما كشف التراب عن محله وجدنا من بنائه ومحرابه نحو نصف ذراع، وهو مجاور لهذه البئر كما سبق، وما ذكره من أن الاستعذاب من السقيا إنما كان لما استوخموا آبار المدينة فمردود، بل هو طلب الماء العذب، وأيضا أنهم لم يستوخموا كل آبارها.

وفي الصحيح في قصة مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى أبي الهيثم بن التيهان قول زوجته «خرج يستعذب لنا الماء» ورواية الواقدي المتقدمة مصرّحة بوقوع الاستعذاب من بئر مالك بن النضر والد أنس، وكانت بدار أنس كما تقدم بيانه، كما سيأتي في بئر غرس الاستعذاب منها أيضا. ثم لو سلمنا أن المراد من حديث أبي داود في الاستعذاب العين التي ذكرها قتيبة فهو محمول على أنه كان يستعذب له صلى الله عليه وسلم منها، إذا نزل قربها في سفر حجه ونحوه، أما استعذابه منها إلى المدينة فلا أراه وقع أصلا، والله أعلم.

بئر العقبة: - بالعين المهملة، ثم القاف- قال المجد: ذكرها رزين العبدري في آبار المدينة، وقال: هي التي أدلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أرجلهم فيها، ولم يعين لها موضعا، والمعروف أن هذه القصة إنما كانت في بئر أريس، اه.

والذي رأيته في كتاب رزين في تعداد الآبار المعروفة بالمدينة ما لفظه: وبئر العين سقط فيها الخاتم، وبئر القف التي أدلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أرجلهم فيها، انتهى. وقد قدمنا في بئر أريس ما يقتضي تعدد الواقعة.

بئر أبي عتبة: - بلفظ واحد العنب- قال ابن سيد الناس في خبر نقله عن ابن سعد في غزوة بدر، ما لفظه: وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكره على بئر أبي عنبة، وهي على ميل من المدينة، فعرض أصحابه، وردّ من استصغره، اه.

وهذا مستند ما نقله المطري في الكلام على بئر السقيا حيث قال بعد ذكر عرض جيش بدر بالسقيا: ونقل الحافظ ابن عبد الغني المقدسي أنه عرض جيشه على بئر أبي عنبة بالحرة فوق هذه البئر أي السقيا، إلى المغرب، ونقل أنها على ميل من المدينة.

قلت: ولعل العرض وقع أولا عند مرورهم بالسقيا، ثم لما ضرب عسكره على هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>