فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب، فإذا لفح السّموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: بكران من إبل الصّدقة تخلفا فأردت ألحقهما بالحمى، وخشيت أن يضيعا فيسألني الله عنهما، فقال عثمان: هلمّ إلى الماء والظل ونكفيك، فقال: عد إلى ظلك، ومضى، فقال عثمان: من أحبّ أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا، فعاد إلينا فألقى نفسه.
وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير، يحمل الرجل إلى الشام على بعير، ويحمل الرجلين إلى العراق على بعير.
وعن مالك قال: بلغنا أن الخيل التي أعدّها عمر رضي الله تعالى عنه ليحمل عليها في الجهاد ومن لا مركوب له عدتها أربعون ألفا.
وروى بعضهم أن عمر رضي الله تعالى عنه رأى في روث فرسه شعيرا في عام الرّمادة، فقال: لأجعلن له من عرر النقيع ما يكفيه.
وفي رواية «المسلمون لا يشبعون والشعير في روثك، لتعالجن عرر النقيع» قال الخطابي: العرر نبت ينبته الثمام.
وقال عبد الرحمن بن حسان في قاع النقيع:
أرقت لبرق مستطير كأنه ... مصابيح تخبو ساعة ثم تلمح
يضئ سناه لي سرورا وودقه ... بقاع النقيع أو سنا البرق أبرح
وقال كثير بن عبد الرحمن:
فهل أرين كما قد رأيت ... لعزّة بالنعف يوما حمولا
بقاع النقيع بصحن الحمى ... يباهين بالرقم غيما مخيلا
وقال عبد العزيز بن وديعة المزني:
ولنا بقدس فالنقيع إلى اللّوى ... رجع إذا لهث السبيّ الواقع
واد قرارة ماؤه ونباته ... يرعى المخاض به وواد فارع
سعد يحرر أهلنا بفروعه ... فيه لنا حرز وعيش رافع
وقال أبو سلمى:
لنا منزلان مؤلف الماء مونق ... كريم، وواد يحدر الماء قارع
وداران دار يرعد الرعد تحتها ... ودار بها ذات السلم فرابع
وهذا وما قبله يشير إلى ما سبق في العقيق من أن صدوره ما دفع في النقيع من قدس وما قبل من الحرة وما دبر، فهو يصب في الفرع.