للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبِّرِ أَنَّهُ قَالَ وَهَبَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِابْنِهِ جَارِيَةً فَقَالَ لَا تَقْرَبْهَا فَإِنِّي قَدْ أَرَدْتهَا فَلَمْ أَنْشَطْ إلَيْهَا) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ لَا تَقْرَبْهَا يُرِيدُ مَنْعَةُ مِنْ وَطِئَهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَهَذَا اللَّفْظُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْمَنْعُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ الْمُعْتَادَةِ مِنْ مِلْكِ الْعَيْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: ٣٥] وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمَنْعَ مِنْ أَكْلِهَا ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [طه: ١٢١] وَقَالَ {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: ٢٢] وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمَرْأَةِ الْوَطْءَ وَالِاسْتِمْتَاعَ بِهَا كَانَ الْمَنْعُ مِنْ أَنْ يَقْرَبَهَا مَنْعًا مِنْ وَطِئَهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنِّي قَدْ أَرَدْتهَا يَعْنِي أَنَّهُ أَرَادَ وَطْأَهَا لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ الْإِرَادَةِ وَالشَّهْوَةِ وَالْكَرَاهَةِ مَتَى عُلِّقَ عَلَى عَيْنٍ فَإِنَّمَا يَقْتَضِي تَعَلُّقَهُ بِالْفِعْلِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، فَإِذَا قَالَ أَرَدْت الْجَارِيَةَ فَإِنَّمَا يَعْنِي إرَادَةَ جِمَاعِهَا وَإِذَا قَالَ أَرَدْت الطَّعَامَ اقْتَضَى ذَلِكَ إرَادَةَ أَكْلِهِ إلَّا أَنَّ الْإِرَادَةَ هَاهُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْإِرَادَةَ بِالْقَلْبِ خَاصَّةً وَهَذَا لَا يُحَرِّمُ إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ أَوْ النَّظَرِ مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِرَادَةِ لِلْغَائِبِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ عَالَجْتهَا وَحَاوَلْت ذَلِكَ مِنْهَا وَذَلِكَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَأَمَّا عَدَمُ النَّشَاطِ عَنْ إكْمَالِ الْجِمَاعِ الَّذِي حَاوَلَهُ أَوْ أَرَادَهُ فَلَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ مِنْهُ بِالْمُحَاوِلَةِ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ ابْنَهُ حِينَ وَهْبِهِ إيَّاهَا بِمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَأَخْبَرَهُ بِوَجْهِ الْمَنْعِ مِنْهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا يَلْزَمُ كُلَّ مَنْ وَهَبَ ابْنَهُ جَارِيَةً جَرَى فِيهَا مَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِذَلِكَ لِيَتَوَقَّاهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَرَى مِنْهُ مَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ ذَلِكَ فَيَعْلَمَ بِذَلِكَ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَحِلُّ لِوَلَدٍ مَسِيسُ جَارِيَةِ مَلَكَهَا أَبُوهُ وَلَا لِوَالِدٍ مَسِيسُ جَارِيَةِ مَلَكَهَا وَلَدُهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ مَنْ يَلْتَذُّ بِالْجَوَارِي خِيفَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَسَّهَا أَوْ تَلَذَّذَ مِنْهَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُبَيِّنَ الْوَالِدُ لِلْوَلَدِ وَالْوَلَدُ لِلْوَالِدِ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا وَلَا الْتَذَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا.

(ص) : (مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا نَهْشَلِ بْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ إنِّي رَأَيْت جَارِيَةً لِي مُنْكَشِفًا عَنْهَا وَهِيَ فِي الْقَمَرِ فَجَلَسْت مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَالَتْ إنِّي حَائِضٌ فَقُمْت فَلَمْ أَقْرَبِهَا بَعْدُ أَفَأَهَبُهَا لِأَبِي يَطَؤُهَا؟ فَنَهَاهُ الْقَاسِمُ عَنْ ذَلِكَ) .

(ش) : قَوْلُهُ إنِّي رَأَيْت جَارِيَةً لِي مُنْكَشِفًا عَنْهَا وَهِيَ فِي الْقَمَرِ يُرِيدُ أَنَّهُ رَأَى جَارِيَةً قَدْ انْكَشَفَ ثَوْبُهَا عَنْهَا وَأَنَّ الْمُوجِبَ لِذَلِكَ أَوْ الْمُعِينُ عَلَيْهِ كَوْنُهَا فِي الْقَمَرِ.

وَقَوْلُهُ فَجَلَسْتُ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ عِنْدَ الْوَطْءِ وَهَذَا قَدْ وَجَدَ مِنْهُ الِالْتِذَاذَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَمُحَاوَلَةِ مُجَامَعَتِهِ لَهَا وَمُبَاشَرَةِ بَعْضِ جِسْمِهِ بِجِسْمِهَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا ثُمَّ مَنَعَهُ مِنْ إتْمَامِ الْجِمَاعِ مَا أَخْبَرَتْهُ بِهِ مِنْ أَنَّهَا حَائِضٌ فَقَامَ عَنْهَا لِذَلِكَ، فَسَأَلَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ هَلْ يُحَرِّمُهَا ذَلِكَ عَلَى ابْنِهِ فَنَهَاهُ الْقَاسِمُ عَنْ أَنْ يَهَبَهَا لِابْنِهِ عَلَى وَجْهِ إبَاحَةِ وَطْئِهِ لَهَا وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ أَنْ يَهَبَهَا لَهُ لِأَنَّ مِلْكَ ابْنِهِ لَهَا جَائِزٌ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا خَاصَّةً.

(ص) : (مَالِكٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَنَّهُ وَهَبَ لِصَاحِبٍ لَهُ جَارِيَةً ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ قَدْ هَمَمْت أَنْ أَهَبَهَا لِابْنِي فَيَفْعَلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِمَرْوَانَ كَانَ أَوْرَعَ مِنْك وَهَبَ لِابْنِهِ جَارِيَةً ثُمَّ قَالَ لَا تَقْرَبْهَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْت سَاقَهَا مُنْكَشِفَةً) ش قَوْلُهُ قَدْ هَمَمْت أَنْ أَهَبَهَا لِابْنِي فَيَفْعَلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَدْ جَرَى فِيهَا مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَلَامٌ مَحْذُوفٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ الْأَبَ قَدْ رَامَهَا فَعَجَزَ عَنْهَا كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْتهَا فَلَمْ أَسْتَطِعْهَا وَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَهَبَهَا لِابْنِي فَيُصِيبَ مِنْهَا فَحِينَئِذٍ قَالَ قَدْ هَمَمْت أَنْ أَهَبَهَا لِابْنِي فَيَفْعَلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا كِنَايَةً عَنْ الْجِمَاعِ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِمَرْوَانَ كَانَ أَوَرَعَ مِنْك إذْ قَالَ لِابْنِهِ فِي جَارِيَةٍ وَهَبَهُ إيَّاهَا لَا تَقْرَبْهَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْت سَاقَهَا مُنْكَشِفًا وَهَذَا يَسِيرٌ فِي جَنْبِ مُحَاوِلَةِ جِمَاعِهَا وَمُبَاشَرَتِهَا وَمُضَاجَعَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>