للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ أَثَرَ احْتِلَامٍ وَلَا يَدْرِي مَتَى كَانَ وَلَا يَذْكُرُ شَيْئًا رَأَى فِي مَنَامِهِ قَالَ لِيَغْتَسِلْ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمٍ نَامَهُ فَإِنْ كَانَ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّوْمِ فَلْيُعِدْ مَا كَانَ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّوْمِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا احْتَلَمَ وَلَا يَرَى شَيْئًا وَيَرَى وَلَا يَحْتَلِمُ فَإِذَا وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَاءً فَعَلَيْهِ الْغُسْلِ وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَعَادَ مَا كَانَ صَلَّى لِآخِرِ نَوْمٍ نَامَهُ وَلَمْ يُعِدْ مَا كَانَ قَبْلَهُ) .

ــ

[المنتقى]

يَكُونَ كَانَ يَنْضَحُهُ لِمَا يَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمَنِيِّ مَعَ النَّوْمِ وَعَدَمِ التَّوَقِّي.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ صَلَّى وَلَمْ يَنْضَحْ ثَوْبَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِغَيْرِ شَكٍّ كَالْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فَلَا شَيْءَ وَيَنْضَحُهُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ لِشَكٍّ فِي نَجَاسَتِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ صَلَّى بِهِ جَاهِلًا أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ صَلَّى بِهِ نَاسِيًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ النَّضْحَ لِمَا شَكَّ فِيهِ كَالْغَسْلِ لِمَا تَيَقَّنَ وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُحْتَلِمَ هَذَا شَكَّ وَذَلِكَ لَمْ يَشُكَّ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ ثَوْبِهِ فَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَنْضَحَهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا ذَكَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا رَآهُ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْغُسْلَ وَجَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالنَّخَعِيُّ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ لِطَهَارَتِهِ وَهِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَإِذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ طَهَارَتَهُ لَمْ تَتَيَقَّنْ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَلَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِيمَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا وَلَا يَدْرِي مَتَى كَانَ وَلَا يَذْكُرُ شَيْئًا أَنَّهُ يَغْتَسِلُ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمٍ نَامَهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَلْبَسَ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَبَدًا لَا يَنَامُ إلَّا فِيهِ أَوْ يَكُونُ يَنَامُ فِيهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ كَانَ يَنَامُ فِيهِ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ دُونَ بَعْضٍ أَعَادَ مَا صَلَّى مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ نَامَهَا لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَشُكُّ أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةُ صَلَّاهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاحْتِلَامُ فِي تِلْكَ النَّوْمَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَمَا قَبْلَ تِلْكَ النَّوْمَةِ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَهُوَ شَاكٌّ فِيهَا وَهَذَا الشَّكُّ إنَّمَا طَرَأَ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ كَمَالِهَا وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْهَا وَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ طَهَارَتِهِ أَمْ لَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ تَمَامِ الْعِبَادَةِ وَتَيَقُّنِ سَلَامَتِهَا فَهَذَا الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّكَّ يُؤَثِّرُ فِيهَا وَيُوجِبُ إعَادَتَهَا فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ فَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا صَلَّى بَعْدَ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ قَوْلًا وَاحِدًا وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَهَذَا لَمْ يَغْتَسِلْ فِي طُولِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنْ اغْتَسَلَ فِيهَا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً تَعَلَّقَ الشَّكُّ بِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَجَرَى الِاخْتِلَافُ فِي جَمِيعِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ لَابِسُ هَذَا الثَّوْبِ لَا يَنَامُ إلَّا فِيهِ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَوَاهُ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا يَحْمِلُونَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُوَطَّأِ وَأَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُفْتَرِقَتَانِ فَإِذَا كَانَ يَنَامُ فِي غَيْرِ هَذَا الثَّوْبِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنَامُ إلَّا فِيهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ مَا نَامَ فِيهِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ عِنْدِي غَيْرُ بَيِّنٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ الَّذِي يَنَامُ فِيهِ أَبَدًا يَتَيَقَّنُ أَنَّ أُخْرَى الصَّلَوَاتِ صَلَّاهَا عَلَى حَدَثٍ وَيَشُكُّ فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ الَّذِي يَنَامُ فِيهِ مَرَّةً وَفِي غَيْرِهِ أُخْرَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَنَقَلَهَا عَنْهُ النَّاقِلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ مِنْ جَنَابَةٍ فَإِنْ اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ كَانَ حُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا احْتَلَمَ وَلَا يَرَى شَيْئًا وَيَرَى وَلَا يَحْتَلِمُ يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>