للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ ثُمَّ تُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَوْ يَمَسَّهَا أَنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَهِيَ تَطْلِيقَةٌ، وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ قَالَ مَالِكٌ، وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخَيَّرَةِ: إذَا خَيَّرَهَا زَوْجُهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَدْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ زَوْجُهَا: لَمْ أُخَيِّرْك إلَّا وَاحِدَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت)

ــ

[المنتقى]

بِالْخِيَارِ مَا هَذَا الضَّرَرُ فَقَالَ جُذَامٌ أَوْ شَيْءٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْأَصْلِ الَّذِي فَسَّرْنَاهُ فَالضَّرَرُ فِي الزَّوْجِ الْجُذَامُ، وَالْعُنَّةُ، وَالضَّرَرُ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ، وَأَمَّا عَلَى سُؤَالِ ابْنِ زَيْدٍ، فَإِنَّ الضَّرَرَ فِي الْمَرْأَةِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ دَاءُ الْفَرْجِ، وَهُوَ الْقَرْنُ الَّذِي يَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ مَوَانِعِ الْوَطْءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعَانِي هَذِهِ الصِّفَاتِ وَأَحْكَامِهَا بِمَا يُغْنِي عَنْ الْإِعَادَةِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ الْأَمَةَ إذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ؛ فَإِنَّ لَهَا الْخِيَارَ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: سَأَلْت عِيسَى بْنَ دِينَارٍ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ لَمَّا جَعَلَ لَهَا قَبْلَ أَنْ بَنَى بِهَا طَلْقَةً بَائِنَةً، وَهُوَ يَقُولُ فِي الَّتِي دَخَلَ بِهَا تَطْلُقُ مَا شَاءَتْ أَلْبَتَّةَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ مَالِكٌ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً بَائِنَةً إذَا لَمْ تُطَلِّقْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَأَمْرُهَا وَاحِدٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ مَا شَاءَتْ مِنْ الطَّلَاقِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِثْلَهُ، وَأَمَّا إذَا دَخَلَ بِهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: وَلَا صَدَاقَ لَهَا يُرِيدُ أَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ بِمَعْنًى تَيَقَّنَ فِي الزَّوْجِ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ كَاَلَّتِي تُفَارِقُ زَوْجَهَا بِجُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: وَهِيَ طَلْقَةٌ يُرِيدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَلَوْ أَوْقَعَتْ الطَّلَاقَ لَكَانَ لَهَا ذَلِكَ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا غَيْرُ طَلْقَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا خَيَّرَ زَوْجَتَهُ فَاخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَرْنَاهُ» فَلَمْ يَعُدَّ لَنَا طَلَاقًا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَخْتَارَهُ أَوْ يُمَلِّكَهَا إيَّاهُ فَتُوقِعَهُ، فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ أَوْ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ مَنْ مَلَكَهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَقَعَ؛ أَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يُوقِعُهُ.

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْمُخَيَّرَةِ إذَا خَيَّرَهَا زَوْجُهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَدْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا يُرِيدُ أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ التَّخْيِيرِ يَقْتَضِي تَمَلُّكَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا هُوَ تَخْيِيرٌ بَيْنَ قَطْعِ الْعِصْمَةِ وَإِبْقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى التَّخْيِيرِ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي أَنَّ التَّخْيِيرَ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ جَمْعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ: وَمَا عَلِمْت مَنْ كَرِهَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ مَا رَوَى مَسْرُوقٌ «عَنْ عَائِشَةَ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَرْنَاهُ» ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ جَمِيعًا أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِيقَاعِ طَلَاقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَمْلِيكُ الزَّوْجَةِ إيَّاهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَ هُوَ مِنْ إيقَاعِهِ.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ التَّخْيِيرَ مُبَاحٌ لِلزَّوْجِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجَةِ اخْتِيَارُ الْفُرْقَةِ وَهِيَ ثَلَاثٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَدْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهَا: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي إنَّمَا يَقْتَضِي فِي التَّخْيِيرِ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ وَكَذَلِكَ التَّمْلِيكُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إنَّمَا يَقْتَضِي مِلْكَهَا لِنَفْسِهَا وَإِزَالَةَ مِلْكِ الزَّوْجِ مِنْهَا فَهَذَا مَعْنَى اخْتِيَارِهَا لِنَفْسِهَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَإِذَا اقْتَضَى تَخْيِيرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>