للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بِكِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا قَالَ عَطَاءٌ فَقُلْت: إنَّمَا طَلَاقُ الْبِكْرِ وَاحِدَةٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إنَّمَا أَنْتَ قَاصٌّ الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ فَجَاءَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ إيَاسِ بْنُ الْبُكَيْرِ فَقَالَ: إنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَمَاذَا تَرَيَانِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: هَذَا الْأَمْرُ مَا لَنَا فِيهِ قَوْلٌ فَاذْهَبْ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنِّي تَرَكَتْهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ فَسَلْهُمَا ثُمَّ ائْتِنَا فَأَخْبِرْنَا فَذَهَبَ فَسَأَلَهُمَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَفْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدْ جَاءَتْك مُعْضِلَةٌ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

ــ

[المنتقى]

وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُ عَطَاءٍ لِلسَّائِلِ، وَقَدْ طَلَّقَ ثَلَاثًا: إنَّمَا طَلَاقُ الْبِكْرِ وَاحِدَةٌ يَحْتَمِلُ أَحَدَ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَلْحَقَهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى نَفْيِ الْجَوَازِ، وَالْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمَدْخُولِ بِهَا مَعَ أَنَّ جَوَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا تَلْحَقُهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ أَوْقَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: إنَّمَا أَنْتَ قَاصٌّ بِمَعْنَى إنَّك مِمَّنْ لَا يُفْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَعْرِفُ حُكْمَهَا، وَإِنَّ رُتْبَتَك أَنْ تَقُصَّ عَلَى النَّاسِ دُونَ أَنْ تُفْتِيَ ثُمَّ أَظْهَرَ مَا عِنْدَهُ مِنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ مِمَّا يُخَالِفُ قَوْلَ عَطَاءٍ فَقَالَ لَهُ: إنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ تُبِينُهَا يُرِيدُ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الثَّلَاثَ تَقَعُ عَلَيْهَا وَلِذَلِكَ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَإِنَّ حُكْمَ مَنْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا عِنْدِي غَيْرُ حُكْمِ مَنْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةً.

(ش) : قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: إنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَا لَنَا فِيهِ قَوْلٌ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْحَقِّ وَتَوَقُّفٌ عَنْ الْفَتْوَى فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ صَوَابُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ أَنْ يَلْزَمَهُ كُلُّ ذِي دِينٍ أَنْ يَقُولَ إذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ: لَا أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إذَا أَخْطَأَ الْعَالِمُ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ وَأَمَرَ السَّائِلَ أَنْ يَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمَا، أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ فَيُخْبِرَهُ بِقَوْلِهِمَا لِيُسَهِّلَ لَهُ ذَلِكَ طَرِيقَ النَّظَرِ فِي الصَّوَابِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْعَالِمِ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُسَهِّلُ لَهُ طَرِيقَ النَّظَرِ وَيُعِينُهُ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَفْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدْ جَاءَتْك مُعْضِلَةٌ إخْبَارٌ عَنْ خَفَاءِ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ وَتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى وَجْهِ الصَّوَابِ فِيهَا يُقَالُ: أَعْضَلَ الْأَمْرُ إذَا أَعْيَا وَجْهُ تَنَاوُلِهِ فَقَدَّمَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي الْفَتْوَى بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ بِتَعَذُّرِ تَبْيِينِهَا وَمَعْرِفَةِ وَجْهِ الصَّوَابِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ، أَوْ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِهَا فَلَمَّا وَافَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ الصَّوَابَ فِيهَا وَقَالَ: الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ لِتَبَيُّنِ وَجْهِ الصَّوَابِ لَهُ.

وَقَدْ رَوَى طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هِيَ وَاحِدَةٌ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ حَتَّى سَمِعَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ فِيهِ فَرَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِهِ.

وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ كَانَ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا أَفْتَى بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>