للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ الْأَعْرَجِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَرَّثَ نِسَاءَ ابْنِ مُكَمِّلٍ مِنْهُ وَكَانَ طَلَّقَهُنَّ، وَهُوَ مَرِيضٌ) .

(ص) : (مَالِكٌ إنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقَالَ: إذَا حِضْت ثُمَّ طَهُرْت فَآذِنِينِي فَلَمْ تَحِضْ حَتَّى مَرِضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَلَمَّا طَهُرَتْ آذَنَتْهُ

ــ

[المنتقى]

لَهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَدْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْإِذْنَ لَا يَسْقُطُ فِي مِيرَاثِ الْوَارِثِ كَمَا لَوْ أَذِنَ الِابْنُ لِأَبِيهِ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، فَإِنْ ارْتَدَّ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ لَمْ تَرِثْهُ؛ لِأَنَّ بِارْتِدَادِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، وَرُجُوعُهُ إلَى الْإِسْلَامِ لَيْسَ بِرَجْعَةٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ أَلْبَتَّةَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَوَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ إذَا أَنْكَرَتْ ذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ يَدَّعِي مَا يُسْقِطُ مِيرَاثَهَا وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي حَالَةٍ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ مَاتَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فِي صِحَّةٍ فَقَدْ جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَالْمُطَلِّقِ فِي الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ يَوْمَ الْحُكْمِ، وَلَوْ وَقَعَ يَوْمَ الْقَوْلِ لَكَانَ فِيهِ هَذَا الْحَدُّ إذَا أَنْكَرَ الطَّلَاقَ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ طَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ طَلْقَةً ثُمَّ مَرِضَ فَأَرْدَفَهَا فِي صِحَّتِهِ ثَانِيَةً ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا الْمِيرَاثُ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ ارْتَجَعَ مِنْ الْأَوَّلِ انْفَسَخَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ كَانَ لِهَذَا الطَّلَاقِ حُكْمُهُ فَوَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَةً نَصْرَانِيَّةً، أَوْ أَمَةً فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ وَأُعْتِقَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَرِثَتَاهُ رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَرِثَانِهِ وَلَا يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً وَتَمُوتَ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ هَذِهِ وَعَتَقَتْ هَذِهِ فَتَرِثَانِهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَاتَ وَحُرْمَتُهُمَا وَاحِدَةٌ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَ فِي الْمَرَضِ فَثَبَتَ الْمِيرَاثُ لِلْمَرْأَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً حِينَ الطَّلَاقِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَارِثَةً حِينَ طَلَّقَهَا فَلَمْ يَقْتَضِ بُطْلَانُهُ إيَّاهَا إخْرَاجَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ فَمَرِضَ الْحَالِفُ ثُمَّ حَنِثَ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ مِنْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَرِثُهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: إنْ كَانَ بَيِّنَ الْمِلْكَ فَلَمْ يَقْضِهِ فَامْرَأَتُهُ تَرِثُهُ كَالْمُطَلِّقِ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَطَرَأَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَاتَ فَقَدْ حَنِثَ وَلَا تَرِثُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَنْ أَبِيهِ: لَا أَعْرِفُ هَذَا وَلَا أَرَاهُ وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّهَا تَرِثُهُ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَعَ فِي الْمَرَضِ؛ وَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَلِمَ بِهِ فَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَهَا وَلَا إخْرَاجَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَرِثْهُ، وَوَجْهُ مَا قَالَ سَحْنُونٌ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ مُرَاعَاةِ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا وَقْتِ إيقَاعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ الْحِنْثُ مِنْ سَبَبِهَا مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ، وَهُوَ صَحِيحٌ بِطَلَاقِهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَدَخَلَتْهَا وَهُوَ مَرِيضٌ قَاصِدَةً إلَى طَلَاقِهِ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا رَوَاهُ زِيَادُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا تَرِثُهُ؛ وَجْهُ الْقَوْلَيْنِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

(ش) : قَوْلُهُ وَرَّثَ نِسَاءَ ابْنِ مُكَمِّلٍ مِنْهُ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُكَمِّلٍ الْمَدَنِيَّ الْأَعْشَى وَكَانَ طَلَّقَهُنَّ، وَهُوَ مَرِيضٌ يُرِيدُ الْمَرَضَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ تُوُفِّيَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزٍ أَنَّ نَسَائِهِ كُنَّ ثَلَاثًا إحْدَاهُنَّ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ فَارِطٍ، وَأَنَّهُ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي فَالِجٍ أَصَابَهُ ثُمَّ مَكَثَ بَعْدَ طَلَاقِهِ إيَّاهُمَا سِنِينَ، وَأَنَّهُمَا وَرِثَتَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ، أَوْ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ تَرِثُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: لَا تَرِثُ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِي الْمَرَضِ فَوَرِثَتْهُ مَعَ سَلَامَةِ الْحَالِ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>