للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

إذَا ادَّعَى الِانْطِلَاقَ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ تَبِعَ النِّكَاحَ مِنْ الْإِصَابَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ صَحِيحًا، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَوْ مَسْجُونًا أَوْ هِيَ مَرِيضَةٌ أَوْ حَائِضٌ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُنْتَظَرُ رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُنْتَظَرُ بِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا أَجَلٌ ضَرَبَهُ الْحَاكِمُ لِثُبُوتِ الِاخْتِيَارِ لَهَا دُونَ امْتِنَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِهَتِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ بِانْقِضَائِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَنَاوَلَ انْقِضَاءَهُ كَمَا تَنَاوَلَ ابْتِدَاءَهُ وَلِذَلِكَ فَرَّقَ يَحْيَى فِي رِوَايَتِهِ بَيْنَ أَوَّلِ الْأَجَلِ وَآخِرِهِ فَقَالَ: لَا تُضْرَبُ الْآجَالُ حَالَ الْمَرَضِ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ عِنْدَ انْقِضَائِهِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ أَجَلٌ ضُرِبَ لِلْإِصَابَةِ، فَإِذَا انْقَضَى لَمْ يُعَجِّلْهُ لَهُ مَعَ وُجُودِ مَانِعٍ كَأَشْهُرِ الْمُولِي.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ انْقَطَعَ ذَكَرُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: يُعَجَّلُ لَهَا الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ وَلَا يُنْتَظَرُ تَمَامُ السَّنَةِ رَوَاهُ عِيسَى عَنْهُ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغَ وَغَيْرِهِ لَا فِرَاقَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ لَهَا؛ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْفِرَاقِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ، فَإِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ وَتَعَذَّرَ الْوَطْءُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اُطُّلِعَ عَلَى أَنَّهُ مَجْبُوبٌ فَعَجَّلَ الْفِرَاقُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا أَمْرٌ طَارِئٌ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ الْأَجَلُ وَيَثْبُتَ النِّكَاحُ كَالْمُولِي يُقْطَعُ ذَكَرُهُ فِي أَشْهُرِ الْأَجَلِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ يَبْطُلُ وَتَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَحُكْمُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ أَنْ يُؤْمَرَ الزَّوْجُ بِإِيقَاعِهِ فَيُوقِعُ مِنْهُ مَا شَاءَ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ إيقَاعِهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ نِكَاحَهُ بِطَلَاقٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ فَسْخٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ لَيْسَ بِغَالِبٍ وَلَا أَوْجَبَهُ فَسَادُ عَقْدٍ فَكَانَ طَلَاقًا كَمَا لَوْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ كَالْفُرْقَةِ بِاعْتِبَارِ الصَّدَاقِ، وَالنَّفَقَةِ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهَا فُرْقَةٌ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إيقَاعُهَا لِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يُوقِعْهَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِهَا السُّلْطَانُ فَكَانَتْ طَلْقَةً كَفُرْقَةِ الْمُولِي.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنَّمَا يُوقِعُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَكُونُ بَائِنَةً؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا رَجْعَةَ فِيهَا وَلَا حَاجَةَ لِأَحَدٍ إلَى إيقَاعِ أَكْثَرَ مِنْهَا مَعَ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَمْنُوعٌ، فَإِنْ أَوْقَعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَخَرَّجُ فِيهِ الْقَوْلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إنْ ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ بِقُرْبِ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لَهَا جَمِيعُهُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: إنْ رَفَعَتْهُ بَعْدَ طُولِ مُدَّةٍ ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَلَهَا الصَّدَاقُ كُلُّهُ؛ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ اسْتِيفَاءَ عِوَضِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْجِمَاعُ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَالثَّانِي: الِاسْتِمْتَاعُ بِالزَّوْجَةِ، وَجِهَازُهَا عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ وَالْمُرَاضَاةِ وَلِذَلِكَ تَسْتَحِقُّ زَوْجَةُ الْمَجْبُوبِ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَهْرِهَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ الْوَطْءُ جَازَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِيفَاءُ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ، وَجِهَازُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي طَوِيلِ الْمُدَّةِ دُونَ قَصِيرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْتَوْفَى فِي السَّاعَةِ وَلَا فِي الْيَوْمِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي طَوِيلِ الْمُدَّةِ بِالسَّنَةِ الْمَضْرُوبَةِ لِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَضَاهَا الْمُكَارَمَةَ وَالْمُرَاضَاةَ، وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهَا الْمُشَاحَّةُ وَطَلَبُ الزَّوْجَةِ الْمُفَارَقَةَ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي طُولِ الْمُدَّةِ بِمَا مَضَى قَبْلَ أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ طَالَتْ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ فِيهَا اسْتِمْتَاعُ الزَّوْجِ بِالزَّوْجَةِ وَجِهَازِهَا كَانَ لَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهَا الْبَدَلُ وَوُجِدَ مِنْهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الِاسْتِيفَاءِ، وَإِنْ قَصَّرَتْ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالزَّوْجَةِ وَجِهَازِهَا فَكَانَ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ كَمَا لَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ التَّحَاكُمِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>