للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

سَفَرِهِ كَاَلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُرِيدُ سَفَرًا يَقْتَضِي حُلُولَ أَجَلِهِ قَبْلَ إيَابِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوَجِّهَ وَجْهًا لِقَضَائِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ نَفَقَةُ زَوْجَةٍ فَلَمْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَوَثُّقُهُ بِهَا كَالْحَاضِرِ الْمُقِيمِ مَعَهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا غَابَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَاحْتَاجَتْ الزَّوْجَةُ إلَى نَفَقَةٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا لِتَرْجِعَ عَلَيْهِ أَوْ تَرْفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا فَأَقَرَّ بِذَلِكَ دَفَعَ إلَيْهَا مَا أَنْفَقَتْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا يُفْرَضُ لِمِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الزَّائِدَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ مَانَعَهَا فِي ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَدَّعِي أَنَّهُ أَوْصَلَ إلَيْهَا مَا أَنْفَقَتْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا مُدَّةَ غَيْبَتِهِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْصَلَ إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَشْهَدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا فِي بَيْتِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَا أَشْبَهَهَا لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ أَهْلَ مَحِلِّهَا وَجِيرَانَهَا فَلَمَّا قَدِمَ زَعَمَ أَنَّهُ خَلَّفَ النَّفَقَةَ أَوْ بَعَثَ بِهَا وَوَصَلَتْ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيُصَدَّقُ كَالْحَاضِرِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي ذَلِكَ قَضَاءٌ عَلَيْهِ وَلَا أَمْرٌ مِنْ الْحَاكِمِ لَهَا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهَا فَلَمَّا عَرِيَتْ قِصَّتُهَا مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي ذَلِكَ الْإِشْهَادُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ رَفَعَتْ ذَلِكَ إلَى حَاكِمٍ مِنْ الْحُكَّامِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّ الْقَوْلَ لَهَا مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْ ذَلِكَ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَرَآهُ كَالْحُكْمِ لَهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا رَفَعَتْ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ وَنَظَرَ فِي أَمْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا وَأَبَاحَ لَهَا الْإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهَا لِتَرْجِعَ بِهِ صَارَتْ الْيَدُ لَهَا فِيمَا تُنْفِقُهُ فَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ قَالَ: كُنْت مُعْسِرًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَمَا أَثْبَتَ فِيهِ عَدَمَهُ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ اتَّبَعَتْهُ بِمَا كَانَ فِي مُدَّةِ الْحُكْمِ لَهَا مُوسِرًا وَسَقَطَ مَا كَانَ فِيهِ مُعْسِرًا سَوَاءٌ كَانَ وَقْتَ الْحُكْمِ أَوْ وَقْتَ الْقُدُومِ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا تَضَمَّنَهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ النَّفَقَةَ مُعْسِرًا وَلَا أَنْ يُسْقِطَهَا عَنْ مُوسِرٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنْ جُهِلَ أَمْرُهُ وَأَرَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَهَا وَيَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَلِيًّا فَقَدْ فُرِضَتْ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةُ مِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ وَيُؤَرِّخُ الْيَوْمَ وَيَذْكُرُ الشَّهْرَ فَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ إلَّا فِي تَحْقِيقِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ حَالِهِ فِي عُسْرٍ أَوْ يُسْرٍ وَفِي إزَالَةِ يَدِهِ عَمَّا تُنْفِقُهُ بِحُكْمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ أَوْ يُسْرُهُ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ جُهِلَ أَمْرُهُ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْحَالَةُ الَّتِي يَقْدُمُ عَلَيْهَا، فَإِنْ قَدِمَ مُعْسِرًا فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الِاعْتِبَارِ، وَإِنْ قَدِمَ مُوسِرًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا، فَإِنْ خَرَجَ مُعْسِرًا فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ خَرَجَ مُوسِرًا فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ خَرَجَ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى الْيَسَارِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالْإِعْسَارِ.

وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ؛ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي قَدِمَ عَلَيْهَا هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهَا حَالَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ يَسَارٌ مِمَّا تُحْمَلُ عَلَيْهِ أَحْوَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْحَالَةُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ لَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي فَارَقَ عَلَيْهَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا حَتَّى يَبِينَ خُرُوجُهُ عَنْهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ الْأَحْوَالَ تَخْتَلِفُ وَتَنْتَقِلُ فَلَا يُعْتَبَرُ بِحَالٍ، وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ لَا سِيَّمَا فِيمَا يَثْبُتُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ.

(فَصْلٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيُقَالُ لَهُ أَنْفِقْ أَوْ طَلِّقْ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَزِمَتْ الزَّوْجَ الْعَبْدَ كَالصَّدَاقِ، وَإِنَّمَا يُسْتَأْذَنُ السَّيِّدُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِمَالِ الْعَبْدِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً فَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّ عَلَى الْعَبْدِ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ لَا عَلَى سَيِّدِهِ.

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَمَةَ إنْ بُوِّئَتْ مَعَ زَوْجِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>