للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَبْتَاعَ الْعَبْدَ التَّاجِرَ وَالْفَصِيحَ بِالْأَعْبُدِ مِنْ الْحَبَشَةِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ لَيْسُوا مِثْلَهُ فِي الْفَصَاحَةِ وَلَا فِي التِّجَارَةِ وَالنَّفَاذِ وَالْمَعْرِفَةِ لَا بَأْسَ بِهَذَا أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ الْعَبْدَ بِالْعَبْدَيْنِ أَوْ بِالْأَعْبُدِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ إذَا اخْتَلَفَ فَبَانَ اخْتِلَافُهُ، فَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا حَتَّى يَتَقَارَبَ فَلَا تَأْخُذْهُ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْت مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ إذَا انْتَقَدْت ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْت مِنْهُ)

ــ

[المنتقى]

أَنَّهُ إنْ رَضِيَ الْبَيْعَ كَانَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَرِهَ رَجَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ خَطَرٌ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَإِنَّمَا فِيهِ تَعْيِينٌ لِلثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ وَالْكِرَاءُ عَلَى مَا مُنِعَ مِنْهُ مِنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ فَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ دِينَارٍ يُفْسَخُ وَإِنْ فَاتَ كَانَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا دَخَلَهُ مِنْ الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعُرْبَانِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ السِّلَعِ وَالْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ عَلَى ضَرْبَيْنِ نَقْدًا وَنَسًا فَأَمَّا النَّقْدُ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجِنْسَيْنِ وَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَاتًا مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا النَّسَا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُعَوَّضِ مِنْهُ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ جَازَ التَّفَاضُلُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَجُزْ مُتَفَاضِلًا، وَذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ أَنَّ مَا لَيْسَ بِمُقْتَاتٍ وَلَا عَيْنٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ نَقْدًا وَالْبَابُ الثَّانِي أَنَّ النَّسَاءَ عِلَّةٌ فِي فَسَادِ بَيْعِ الْجِنْسِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَالْبَابُ الثَّالِثُ أَنَّ النَّسَاءَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ لَا يَمْنَعُ الْمُعَاوَضَةَ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ فِي الْأَجْنَاسِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي جَوَازِ التَّفَاضُلِ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ وَالْمُقْتَاتِ نَقْدًا) .

وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَنَّ النِّسَاءَ عِلَّةٌ فِي فَسَادِ بَيْعِ الْجِنْسِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مَعَ اتِّفَاقِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ يَدًا بِيَدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَالتَّسَاوِي نَسَاءً وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً» قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ صَحِيحٌ وَسَمَاعُهُ مِنْهُ صَحِيحٌ كَذَلِكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَلَنَا فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِلذَّرِيعَةِ فَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الْأُولَى فَإِنَّ اشْتِرَاطَ الزِّيَادَةِ فِي الْجِنْسِ مَعَ الْأَجَلِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَاشْتِرَاطِهِ فِي السَّلَفِ، وَأَمَّا الْمَنْعُ مِنْهُ لِلذَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اشْتِرَاطِهِ فِي الْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الصُّورَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا لِئَلَّا يُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى الْمَمْنُوعِ الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ الْمَنْعُ مَعَ التَّفَاضُلِ فَهَلْ يَثْبُتُ عَلَى التَّسَاوِي قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجْهُ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِلذَّرِيعَةِ وَمَعَ التَّسَاوِي تَضْعُفُ التُّهْمَةُ فَيَبْطُلُ حُكْمُ الْمَنْعِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ ذَرِيعَةٌ إلَى قَرْضٍ تُجْبَرُ بِهِ مَنْفَعَةٌ فَيَكُونُ مَنْ لَهُ الثَّوْبُ يَدْفَعُهُ فِي مِثْلِهِ لِيَكُونَ فِي ضَمَانِ الْقَابِضِ لَهُ إلَى أَجَلِ تَعَاقُدِهِمَا وَوَقْتِ انْتِفَاعِهِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا عَقْدًا مُنِعَ مِنْ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ التَّسَاوِي كَالْعَرْضِ.

(الْبَابُ الثَّالِثُ) فِي أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الْجِنْسِ بِبَعْضِهِ إلَى أَجَلٍ مُتَفَاضِلًا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>