للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُبْتَاعَ إنْ اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا يُعْلَمُ أَوْ لَا يُعْلَمُ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مِنْ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا اُشْتُرِيَ بِهِ كَانَ ثَمَنُهُ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَبْدِ جَارِيَةٌ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا بِمِلْكِهِ إيَّاهَا، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ كَاتَبَ تَبِعَهُ مَالُهُ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ وَلَمْ يُتْبَعْ سَيِّدُهُ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ) .

ــ

[المنتقى]

إنْ دَخَلَهُ نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ فَقَدْ بَعُدَ وَامْتَنَعَ إلْحَاقُهُ بِالْعَقْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا حَدَثَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ أَوْ الْخِيَارِ، وَقَدْ اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لِلْعَبْدِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ ذَكَرَ ذَلِكَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ بَعْضَ مَالِ الْعَبْدِ أَوْ لَا رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ إجَازَتُهُ حِينَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا تَبِعَ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ إتْبَاعُ بَعْضِهِ، أَصْلُ ذَلِكَ مَا تَبِعَهُ بِالشَّرْعِ وَمُقْتَضَى الْعُقْدَةِ وَهُوَ ثَمَرَةٌ مَأْبُورَةٌ أَوْ غَيْرُ مَأْبُورَةٍ فِي أَصْلِ الْمَبِيعِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنْ هَذَا الْمَالَ يَثْبُتُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بَعْضَهُ كَالثِّيَابِ يَجُوزُ شِرَاءُ جَمِيعِهَا وَشِرَاءُ بَعْضِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ جَمِيعُهُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ بَعْضُهُ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةً مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ بَاعَهَا مِنْ شَرِيكِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْعَقْدِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِي الْعَبْدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ انْتِزَاعُهُ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ وَالْإِذْنُ مَعْدُومٌ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ كَالْمُقَاسَمَةِ وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ رِضَا الْمُبْتَاعِ بِالشَّرْطِ إذْنٌ لَهُ فِي انْتِزَاعِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَالِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَجْوِيزِهِ لِلْمُبْتَاعِ اشْتِرَاطَ مَالِ الْعَبْدِ فَجَوَازُهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِبَعْضِ مَالِ الْعَبْدِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِيَدِ الْبَائِعِ مَا يَكُونُ بِهِ الْمُبْتَاعُ مُسْتَثْنِيًا لِبَعْضِ الْمَالِ بَلْ قَدْ اسْتَثْنَى جَمِيعَ مَا كَانَ لِلْبَائِعِ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ فَاشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ لَمْ يَجُزْ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَائِعِ لَهُ يَقْتَضِي انْتِزَاعَهُ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ الْإِذْنُ، وَالطَّلَاقُ فِي الْعَقْدِ يَقْتَضِي مَا يَقْتَضِيهِ هَذَا الشَّرْطُ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ اشْتِرَاطَ الْمُبْتَاعِ بَعْضَ الْمَالِ فَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجِيزُهُ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ مَالِكٍ تَجْوِيزَهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ شَرَطَ جَمِيعَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْ الْمَالِ فَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَهُ فَاشْتَرَطَ جَمِيعَ مَالِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ الثَّانِي حُرًّا فَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَالِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ انْتِزَاعَ مَالِ مَنْ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْمَالِ بِيَدِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفِي انْتِزَاعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُبْتَاعَ إنْ اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا يُعْلَمُ أَوْ لَا يُعْلَمُ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مِنْ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا اُشْتُرِيَ بِهِ كَانَ ثَمَنُهُ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَبْدِ جَارِيَةٌ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا بِمِلْكِهِ إيَّاهَا، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ كَاتَبَ تَبِعَهُ مَالُهُ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ وَلَمْ يُتْبَعْ سَيِّدُهُ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ) .

ش وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْمُبْتَاعَ إذَا اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلْمُبْتَاعِ فَيُرِيدُ أَنَّ لَهُ مَا شَرَطَ وَاَلَّذِي شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ لِلْعَبْدِ وَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ بِحَسَبِ مَا كَانَ قَبْلَ ابْتِيَاعِهِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ انْتَزَعَ الْمَالَ وَاشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ لَكَانَ قَدْ اشْتَرَى عَبْدًا وَمَالًا فَيَفْسُدُ بِالْجَهْلِ وَالتَّفَاضُلِ فِيمَا لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الَّذِي يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَقُولُ مَالُهُ مِائَةُ دِينَارٍ أُوَفِّيكهَا لَا يَجُوزُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَ التَّوْفِيَةَ كَانَ ذَلِكَ مَالًا مُتَبَرَّعًا بِهِ يَدْفَعُهُ الْبَائِعُ إلَى الْمُبْتَاعِ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>