للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي إصَابَتِهِ إيَّاهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهَا قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أَوْ حَيَوَانًا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيمَا بَاعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فِي ذَلِكَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ لَمْ تَنْفَعْهُ تَبْرِئَتُهُ وَكَانَ مَا بَاعَ مَرْدُودًا عَلَيْهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ تُبَاعُ بِالْجَارِيَتَيْنِ، ثُمَّ يُوجَدُ بِإِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ عَيْبٌ تُرَدُّ مِنْهُ قَالَ تُقَامُ الْجَارِيَةُ الَّتِي كَانَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهَا، ثُمَّ تُقَامُ الْجَارِيَتَانِ بِغَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي وُجِدَ بِإِحْدَاهُمَا تُقَامَانِ صَحِيحَتَيْنِ سَالِمَتَيْنِ، ثُمَّ يُقْسَمُ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ الَّتِي بِيعَتْ بِالْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ ثَمَنِهَا حَتَّى يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُرْتَفِعَةِ بِقَدْرِ ارْتِفَاعِهَا وَعَلَى الْأُخْرَى بِقَدْرِهَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ فَيُرَدُّ بِقَدْرِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ إنْ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً، وَإِنَّمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا)

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ أَصَابَ وَلِيدَةً وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا إنْ أَرَادَ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ وَكَانَتْ مِمَّنْ يَنْقُصُهَا الِافْتِضَاضُ؛ لِأَنَّ وَخْشَ الرَّقِيقِ لَا يُنْقِصُهُ وَرُبَّمَا زَادَ ذَلِكَ فِيهِنَّ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَطْئِهِ إيَّاهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّ مَهْرٍ فِي بِكْرٍ وَلَا ثَيِّبٍ، وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَوْجَبَ فِي ذَلِكَ مَهْرَ الرَّدِّ مَعَهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ هَذَا وَطْءٌ صَادَفَ مِلْكًا فَلَمْ يُوجِبْ مَهْرًا أَصْلُ ذَلِكَ إذَا فَاتَتْ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً بِجَارِيَتَيْنِ، ثُمَّ وَجَدَ مُبْتَاعُ الْجَارِيَتَيْنِ بِإِحْدَاهُمَا عَيْبًا فَإِنَّهُ تُقَوَّمُ الْجَارِيَةُ الَّتِي كَانَتْ ثَمَنَ الْجَارِيَتَيْنِ فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهَا يُرِيدُ قِيمَتَهَا، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى مَعْرِفَةِ مَا يَعِيبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ فِي بَيْعِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَهِيَ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ الْمُنْفَرِدَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ تُقَامُ الْجَارِيَتَانِ بِغَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي وُجِدَ بِإِحْدَاهُمَا سَالِمَتَيْنِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا كَانَتَا ثَمَنًا لِلْجَارِيَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ تَقْوِيمُهَا وَهُمَا سَالِمَتَانِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ اشْتَرَاهُمَا بَائِعُ الْجَارِيَةِ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُفْرَدَةً لِيُعْلَمَ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَبِذَلِكَ يَتَوَصَّلُ إلَى مَا يُرِيدُهُ، ثُمَّ يَجْمَعُ الْقِيمَتَانِ، ثُمَّ يَعْلَمُ كَمْ مَبْلَغُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ ثُلُثَ الْجُمْلَةِ وَقِيمَةُ الْأُخْرَى الثُّلُثَيْنِ رَدَّهَا وَرَجَعَ بِقَدْرِهَا وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ ثَمَنِ الْجَارِيَتَيْنِ بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا لَمْ تَفُتْ أَوْ تَكُونَ قَدْ فَاتَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اخْتِلَافِ أَسْوَاقٍ، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ نَظَرَ إلَى الْجَارِيَةِ الَّتِي وَجَدَ بِهَا الْعَيْبَ، فَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ الْجَارِيَتَيْنِ رَدَّ الْجَارِيَتَيْنِ وَأَخَذَ جَارِيَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَدْوَنَ الْجَارِيَتَيْنِ رَدَّ الْمَعِيبَةَ بِمَا يُصِيبُهَا مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمُفْرَدَةِ بِيَدِ مُبْتَاعِهَا، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَى إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الَّذِي وَجَدَ الْعَيْبَ لَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِ مَا بَاعَ، وَإِنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَ وَاَلَّذِي أَعْطَى لَمْ يَفُتْ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ تَسَاوَتْ الْجَارِيَتَانِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدَيْنِ الْمُتَكَافِئَيْنِ يُصِيبُ الْمُبْتَاعُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا أَوْ يَسْتَحِقُّ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَالَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدَيْنِ وَالشَّاتَيْنِ وَقُلَّتَيْ الْخَلِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ فَاتَتْ الْجَارِيَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَزِمَ فِيهَا الْبَيْعُ وَكَانَ التَّرَاجُعُ فِي قِيمَتِهَا عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَاهُ إلَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ الْمَعِيبَةَ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْفَعَ رَدَّهَا وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الْجَارِيَةِ الْمُفْرَدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعِيبَةُ هِيَ الْأَدْوَنَ رَدَّهَا مُفْرَدَةً وَرَجَعَ بِقِيمَتِهَا مَعَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمُفْرَدَةِ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ أَرْفَعُ الْجَارِيَتَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ الْمُفْرَدَةُ لَمْ تَفُتْ وَلَا تَغَيَّرَتْ فِي بَدَنِهَا، وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ فِي أَسْوَاقِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>