للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فِيهَا وَبَطَل الْعَقْدُ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي دَيْنٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ كَانَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ دَيْنٌ فَنَقَلَهُ فِي جَارِيَةٍ لَمْ يُتَنَجَّزْ نَقْلُ الدَّيْنِ إلَى عَيْنِهَا لِمَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ حُكْمِ الْمُوَاضَعَةِ الَّتِي لَا يَكْمُلُ الْبَيْعُ وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الْبَائِعِ إلَّا بِكَمَالِهَا، فَلَمْ تَبْرَأْ ذِمَّةُ الْبَائِعِ مِنْ دَيْنٍ وَلَا بَقِيَتْ مَشْغُولَةً بِهِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْبَيْعِ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِدَيْنٍ مَحْضٍ وَحَبْسٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ الْبَيْعِ صَارَتْ مُتَرَدِّدَةً بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ سَلِمَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ إنْ لَمْ تَسْلَمْ، وَهَذَا مَعْنَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَنْ لَا تَبْرَأَ الذِّمَّةُ مِنْ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَلَا تَبْقَى مَشْغُولَةً بِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ مَشْغُولَةً بِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ جَوَازُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ ثَابِتٌ فِيهَا لَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَوْ بِيعَتْ بَيْعَ مِيرَاثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ بَاعَهَا سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْحَمْلِ لَا تَجُوزُ لَا سِيَّمَا مَعَ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْوَطْءِ وَالْمُوَاضَعَةِ إنَّمَا هِيَ لِمَعْنَى مَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَمْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ شَرَطَا فِي بَيْعِ جِوَارِي الْمُوَاضَعَةِ أَنْ لَا مُوَاضَعَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ حَمْلٍ إنْ كَانَ بِهَا، وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ مِنْ حَمْلٍ، فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا بَطَلَ الشَّرْطُ وَثَبَتَ عَقْدُ الْبَيْعِ وَثَبَتَ حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ أَصْحَابِنَا غَيْرَ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ إنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِذَلِكَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ أَوْ فَسَادِهِ فِي نَقْلِ الضَّمَانِ الْمُخْتَلَفِ فِي مَحَلِّهِ عَنْ عُرْفِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِإِبْطَالِ الشَّرْطِ وَصِحَّةِ الْعَقْدِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَخْرُجُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ، فَإِنْ لَمْ تَرْفَعْ أَمْرَهَا حَتَّى مَاتَتْ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ فَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ عَنْ مَالِكٍ إنْ مَاتَتْ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَهَا فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى لَمَّا بَطَلَ الشَّرْطُ فِي تَرْكِ الْمُوَاضَعَةِ ثَبَتَ حُكْمُهَا وَكَانَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُؤْتَمَنَ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ إبْطَالَ الْمُوَاضَعَةِ لَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَإِذَا مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ وَخْشِ الرَّقِيقِ الَّذِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِمُرَاعَاةِ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ فَكَمْ قَدْرُهَا؟ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَتْ أَيَّامُ حَيْضَتِهَا مَعْرُوفَةً فَقَدْرُهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً فَأَغْلَبُ أَحْوَالِ النِّسَاءِ وَهُوَ الشَّهْرُ قَالَ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ خَاصَّةً، وَأَمَّا إنْ جَاءَ بِهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يُرِيدُ رَدَّهَا بِعَيْبِ تَأْخِيرِ الْحَيْضِ أَوْ بِعَيْبِ حُدُوثِهِ وَزَعَمَ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ صُدِّقَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا النِّكَاحُ بِالْأَمَةِ الرَّائِعَةِ الَّتِي تَحِيضُ فَحُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَإِنَّ حُكْمَ الْمُوَاضَعَةِ ثَابِتٌ فِيهَا إذَا حَدَثَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ حَادِثٌ يَلْزَمُ الْبَائِعَ الثَّانِيَ فِيهَا مِنْ ضَمَانِ الْجَارِيَةِ فِي مُدَّتِهَا مَا لَزِمَ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ الْأُولَى وَيُتَّقَى مِنْ ظُهُورِ حَمْلِهَا فِيهَا مَا اُتُّقِيَ مِنْ ظُهُورِهِ فِي الْأُولَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْبَيْعِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى ضَمَانِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْبَيْعِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ الْمُوَاضَعَةُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي يَرُدُّ بِالْعَيْبِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهِ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذِهِ أَرْبَعَةٌ يَلْزَمُ فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ بِالْمُعَاوَضَةِ كَمَا لَوْ بِيعَتْ، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَنَّ هَذَا نَقْضُ بَيْعٍ وَلَيْسَ بِبَيْعٍ مُبْتَدَإٍ وَلَا عَقْدٍ، وَهَذَا الْحُكْمُ يَخْتَصُّ بِالْعُقُودِ دُونَ فَسْخِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>