للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مُعْظَمِهَا فِي التَّخْيِيرِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ مُعْظَمَ الْجُمْلَةِ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إمْسَاكُ الْبَاقِي بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْجُمْلَةِ أَوْ الْيَسِيرِ مِنْهَا لَزِمَهُ الْبَاقِي بِمَا يُصِيبُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ الْمُسْتَحَقُّ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْبَاقِيَ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّهُ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَضَرَّةُ الشَّرِكَةِ فِي آحَادِ تِلْكَ الْجُمْلَةِ.

(فَصْلٌ) :

فَإِنْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ غَيْرُ شَائِعٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا الْغَرَضُ فِي مَبْلَغِهِ دُونَ أَعْيَانِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ أَوْ يَكُونَ مِمَّا الْغَرَضُ فِي أَعْيَانِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا الْغَرَضُ فِي سِلْعَتِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ مِقْدَارَ نِصْفِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ كَانَ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَزِمَهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ النِّصْفَانِ سَوَاءً فَهَلْ يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ الرَّدُّ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ الثَّانِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا غَرَضَ فِي أَعْيَانِهِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ فِي مَبْلَغِهِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَى بِجُمْلَتِهِ فَإِذَا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ فَقَدْ ذَهَبَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ نِصْفِ الْمَبِيعِ يَلْزَمُ بِهِ النِّصْفُ الثَّانِي كَالْعَبْدَيْنِ الْمُتَكَافِئَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ مِمَّا الْغَرَضُ فِي عَيْنِهِ فَلَا اعْتِبَارَ بِقِيمَتِهِ دُونَ عَيْنِهِ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ آحَادِ الْجُمْلَةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ النِّصْفَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ كَانَ اسْتَحَقَّ مَا قِيمَتُهُ النِّصْفُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ يَجِدُ الْمُبْتَاعُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ وَأَخَذَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَحَقَّ مَا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ السَّالِمُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ حَتَّى تَكُونَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ النِّصْفَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ فَهَلْ يَرُدُّ الْجَمِيعَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِيمَنْ اشْتَرَى عَشْرَ شِيَاهٍ فَوَجَدَ تِسْعَةً أَنَّ الْوَاحِدَةَ تَلْزَمُهُ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهَا تُخَالِفُ قِيَمَ غَيْرِهَا فَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ ذَلِكَ بِأَنَّ ضَرُورَةَ الشَّرِكَةِ مُنْتَفِيَةٌ عَنْهَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يَرُدُّ الْبَاقِيَ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْبَاقِي بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ ابْتِيَاعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولٌ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَيْبِ إذَا تَرَاضَى الْمُتَبَايِعَانِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ كَمُلَ عَلَى صِحَّةٍ وَمَعْرِفَةٍ بِالثَّمَنِ فَلَا اعْتِبَارَ بِجَهْلِهِمَا بِالثَّمَنِ عِنْدَ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَتَيْنِ فَهَلَكَتْ الْعُلْيَا فِي الْمُوَاضَعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأَدْوَنِ بِمَا يُصِيبُهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ كَمُلَ فِيهَا، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ظَاهِرٌ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَسَائِلُ تَقْتَضِيه؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً فَحَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَسْقُطَ عَنْهُ قَدْرُ الْعَيْبِ مِنْ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا وَقِيمَةَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ فَإِذَا اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ فَقَدْ أَمْسَكَهَا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ صِحَّةَ الْعَقْدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَسَوَاءٌ قُوبِلَتْ الْجُمْلَةُ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ قُوبِلَ كُلُّ عَيْنٍ مِنْهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ حِينَ الْعَقْدِ لِاتِّشَاحٍ فِيمَا يَزِيدُهُ فِي أَثْمَانِ بَعْضِهَا وَيُنْقِصُهُ مِنْ سَائِرِهَا، وَأَمَّا حِينَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَحَرَّى فِي قِيمَتِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنْ يَجِدَ بِبَعْضِ الْجُمْلَةِ عَيْبًا وَالْمَبِيعُ مِمَّا الْغَرَضُ فِي مَعِيبِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُبْتَاعُ السَّلِيمَ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضًا الْبَائِعِ، فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَهُ ذَلِكَ وَأَبَى هُوَ لَزِمَهُ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ قَلِيلًا وَلَمْ يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>