للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً إلَّا وَلِيدَةً إنْ شَاءَ بَاعَهَا، وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ)

ــ

[المنتقى]

وَيُفْسِدُهَا هَذَا الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُقَالَ مِنْ صِحَّةِ مِلْكٍ انْتَقِلْ إلَيْهِ بِالْإِقَالَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا ضُرِبَ إلَى ذَلِكَ أَجَلٌ أَوْ نَقَدَ الثَّمَنَ فَقَالَ إنْ جِئْتنِي إلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَك رُدَّ عَلَيْك فَهَذَا أَيْضًا لَا يَجُوزُ وَيَدْخُلُهُ مَا يَدْخُلُ غَيْرَ الْمُؤَجَّلِ مِنْ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، فَإِنْ نَقَدَهُ الثَّمَنَ فَقَالَ إنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ إلَى وَقْتِ كَذَا وَكَذَا فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ فَجَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَائِعُ ثَبَتَ الْبَيْعُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَارَ الْبَيْعُ جَائِزًا، وَقَدْ كَانَ حَرَامًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ فَسَخْنَا الْأَوَّلَ وَلَعَلَّهُ رَآهُ مِنْ بَيْعِ الشُّرُوطِ الَّتِي إنْ تَرَكَ الشَّرْطَ مُشْتَرِطُهُ مَضَى الْبَيْعُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَدْ كَانَ الْبَيْعُ حَرَامًا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ نَقْدَهُ ثَمَنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ كَانَ سَلَفًا، وَإِنْ أَمْضَاهُ كَانَ بَيْعًا، ثُمَّ تَأَوَّلَ ابْنُ الْمَوَّازِ إجَازَتَهُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ عِنْدَهُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّرْطُ يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ شَرْطِهِ لِيَصِحَّ الْعَقْدُ كَالسَّلَفِ وَالْبَيْعِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِأَنْ لَا يُغَابَ عَلَى الثَّمَنِ حَتَّى يَسْقُطَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا قَدْ فَسَخَا الْعَقْدَ الْأَوَّلَ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ تَطَوَّعَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ كَمَالِ الْعَقْدِ وَمِلْكِهِ لِلْمَبِيعِ فَقَالَ أَصْبَغُ إذَا سَلِمَا مِنْ مُدَاهَنَةٍ أَوْ مُوَاعَدَةٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا أَوْ لَمْ يَضْرِبَاهُ إلَّا فِي الْإِمَاءِ لِمَا يُحْذَرُ فِيهِ مِنْ إعَارَةِ الْفَرْجِ، فَإِنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا بَعِيدًا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَلْزَمْ هَذَا الشَّرْطُ إلَّا أَنْ يُدْرَكَ ذَلِكَ الْمَشْرُوطُ بِحَرَارَةِ الْأَمْرِ لَعَلَّهُ يُرِيدُ عِنْدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ وَقَبْلَ أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهَا وَيُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا، فَإِنْ ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا أَقْرَبَ مِنْ مُدَّةِ خُرُوجِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَذَلِكَ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلِمَ مِمَّا خِفْنَاهُ وَيَجِبُ أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ مَنْ لَا يَجُوزُ لِلْمُبْتَاعِ وَطْؤُهُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مِنْ الْإِمَاءِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو فِيمَا تَطَوَّعَ فِيهِ بِالثُّنْيَا مِنْ أَنْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا أَوْ لَا يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا، فَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا يَقْطَعُ بِهِ ذَلِكَ إلَى مُنْتَهَى الْأَجَلِ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا فَلِمَنْ جُعِلَ لَهُ ذَلِكَ الْقِيَامُ بِالثُّنْيَا مَتَى كَانَتْ فِي مِلْكِ الَّذِي جَعَلَهَا لَهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ سَقَطَ ذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الثُّنْيَا إنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِطْلَاقُ فِي ذَلِكَ لَا يَتَعَذَّرُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ الْمَالِكُ مِنْ التَّصَرُّفِ التَّامِّ فَإِذَا أَلْقَاهُ عِنْدَهُ كَانَ لَهُ ثُنْيَا، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْطَالُ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَسُؤَالُ ابْنِ مَسْعُودٍ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِهَادِ يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَ خَفِيَ عَلَيْهِ حُكْمُهَا وَأَرَادَ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِيهَا عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّ لِلْعَالِمِ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ وَجْهًا حَتَّى يَعْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حُكْمَهُمَا بِالدَّلِيلِ الَّذِي يُرْشِدُهُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِحُكْمِهَا لِيَعْلَمَ مُوَافَقَتَهُ لَهُ فِيهَا أَوْ مُخَالَفَتَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عُمَرَ لَا تَقْرَبْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لِأَحَدٍ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ فِي الْمَبْسُوطِ مَعْنَى ذَلِكَ لَا تَبْتَعْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لِأَحَدٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ لَا تَشْتَرِهَا بِهَذَا الشَّرْطِ، وَهَذَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ مِنْ هَذَا الِابْتِيَاعِ لِفَسَادِهِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُرِيدَ بِهِ لَا تَقْرَبْهَا فِي الْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ هَذَا الشَّرْطِ فِيهَا وَيَكُونُ حُكْمُ الْعَقْدِ فِي الْفَسَادِ وَالصِّحَّةِ مَسْكُوتًا عَنْهُ.

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً إلَّا وَلِيدَةً إنْ شَاءَ بَاعَهَا، وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا: مَنْعٌ مِنْ وَطِئَهَا إلَّا مَعَ هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ لَا يُشْبِهُ هَذِهِ الشُّرُوطَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ يُبِيحُ الْوَطْءَ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ بِحُرْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يُبَحْ ذَلِكَ بِوَجْهٍ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا تَامًّا، وَوَجْهُ فَسَادِ الْعَقْدِ أَنَّ مَا يَشْتَرِطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>