للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

النَّخْلِ وَبَقِيَ بَعْضُهَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ النَّخْلُ فِي حِينِ تَأْبِيرِهَا وَكَانَ بَعْضُ ثَمَرَتِهَا قَدْ كَمُلَ ذَلِكَ فِيهَا وَبَعْضُهَا لَمْ يَكْمُلْ وَكَانَ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ قَدْ ظَهَرَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ وَبَعْضُهَا لَمْ يَظْهَرْ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الثَّمَرَةَ الْمُبْتَاعُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يَنْقُلُ حُكْمَ الثَّمَرَةِ فِي جَوَازِ فَصْلِهَا عَنْ الْأَصْلِ بِالْبَيْعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ظُهُورُ بَعْضِهِ كَظُهُورِ جَمِيعِهِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ أَصْلُهُ الْإِزْهَاءُ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِمَا لَمْ يُؤَبَّرْ حُكْمٌ يُخَالِفُ حُكْمَ مَا أُبِّرَ وَكَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ مُطْلَقُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ حَقُّ الْمُبْتَاعِ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَصِيبَ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نَصِيبَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَكْثَرَ فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْقَلِيلَ تَبَعٌ لِلْكَثِيرِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّسَاوِي.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» يُرِيدُ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ لِلْمُبْتَاعِ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ وَلَا نَعْلَمُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ خِلَافًا إذَا ابْتَاعَهَا بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنْ ابْتَاعَهَا بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أُبِّرَتْ الثَّمَرَةُ أَمْ لَمْ تُؤَبَّرْ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي الْمَبْسُوطِ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ أُبِّرَتْ أَمْ لَمْ تُؤَبَّرْ مَا لَمْ يَبْتَدِئْ صَلَاحَهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا طَعَامٌ بِطَعَامٍ غَيْرُ مُتَنَجِّزِ الْقَبْضِ وَإِنَّمَا رَاعَى فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ لَا مَا هُوَ عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى قَصِيلًا فَحَصَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ فِيهِ الْحَبُّ صَحَّ شِرَاؤُهُ، وَأَمَّا إنْ أَبْقَاهُ حَتَّى صَارَ حَبًّا فَسَدَ فِيهِ الْبَيْعُ وَرُوعِيَ فِيهِ الْمَآلُ وَلَوْ رُوعِيَ فِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ لَصَحَّ الْبَيْعُ وَلَمْ يَفْسُدْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ شِرَائِهِ إلَّا قَصِيلًا أَوْ عُشْبًا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّ الطَّلْعَ بِمَنْزِلَةِ جِمَارِ النَّخْلَةِ مَا لَمْ تُؤَبَّرْ فَإِذَا أُبِّرَتْ فَدَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ابْتِيَاعِهَا بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ اشْتَرَطَ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ النَّخْلِ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ جَمِيعَ النَّخْلِ وَيَشْتَرِطَ نِصْفَ ثَمَرَتِهَا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرَةِ وَلَا فِي مَالِ الْعَبْدِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ جَوَازَهُ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَمَالِ الْعَبْدِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِذَا اسْتَثْنَى بَعْضَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الثَّمَرَةَ مَقْصُودَةٌ بِالْعَقْدِ قَدْ لَحِقَتْهَا الْمُغَابَنَةُ وَالْمُكَايَسَةُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا جَازَ أَنْ يُشْتَرَطَ جَمِيعُهُ فِي الْعَقْدِ جَازَ أَنْ يُشْتَرَطَ بَعْضُهُ كَأَصْلٍ آخَرَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي حِينِ الْعَقْدِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُلْحِقَهُ بِالْعَقْدِ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَرَةِ النَّخْلِ وَرَوَاهُ مَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا وَبِهِ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ دِينَارٍ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ فِي الثَّمَرَةِ دُونَ مَالِ الْعَبْدِ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ فَأَمَّا إجَازَةُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْعَقْدِ يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَنْتَقِلُ بِكَمَالِ الْعَقْدِ فِيهِ دُونَ شَرْطٍ إلَى حَالِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَيْهَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَالثَّمَرَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا لِلْمُبْتَاعِ مَعَ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يُلْحِقَهَا بِالْعَقْدِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَالثَّمَرَةَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْأَصْلُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ فَاسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فُسِخَ الْبَيْعُ مَا لَمْ يُسْتَحْصَدْ الزَّرْعُ وَلَوْ اُسْتُحْصِدَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ تَمَّ فِيهِ الْبَيْعُ وَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَجَلِ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ عَلَى هَذِهِ الثَّمَرَةِ وَقْتٌ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>