للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

أَنْ يَجْرِيَ هَذَا الْمَجْرَى كُلُّ مَا كَانَ هَذَا حُكْمَهُ كَالْقَصِيلِ وَالْقَصَبِ وَالْبُقُولِ وَالْقَرَطِ فَلَا تُوضَعُ جَائِحَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي جَمِيعِهِ وَجْهُ رِوَايَةِ أَصْبَغَ أَنَّ الضَّمَانَ بِجَائِحَةِ الثَّمَرَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فِيهَا مِنْ حَقِّ التَّوْفِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ تَمَامِ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الثَّمَرَةِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ فَإِذَا وُجِدَ كَمَالُ الصَّلَاحِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَرَةِ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ وَمَا يَرْجُوهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ حِفْظِ رُطُوبَتِهِ وَنَضَارَتِهِ بِبَقَائِهِ فِي أَصْلِهِ فَذَلِكَ حِفْظٌ لِمَبِيعٍ قَدْ وُجِدَ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الِانْتِظَارِ لِمَبِيعٍ لَمْ يُوجَدْ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ بَاعَ مِنْهُ قَمْحًا فَكَالَهُ عَلَيْهِ فِي لَيْلٍ أَوْ وَقْتٍ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ يُبْقِي الطَّعَامَ فِي مَوْضِعِهِ حِفْظًا لَهُ إلَى أَنْ يُمْكِنَ نَقْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ بَقَاءَ الثَّمَرَةِ فِي الْأَصْلِ لِحِفْظِ رُطُوبَتِهَا وَنَضَارَتِهَا وَجْهٌ مَقْصُودٌ مُعْتَادٌ وَعَلَيْهِ ابْتَاعَ الْمُبْتَاعُ؛ لِأَنَّ فِي جَدِّ الثَّمَرَةِ جِهَةَ فَسَادٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُتْلِفُ رُطُوبَتَهَا وَلَا يُمْكِنُ أَكْلُهَا عَلَى الْمَعْهُودِ إلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَلَا يَتَأَتَّى بَيْعُ جَمِيعِهَا وَجَذُّهُ جُمْلَةً فِي الْغَالِبِ فَنَقُولُ إنَّ الثَّمَرَةَ مُبْقَاةٌ فِي الْأَصْلِ لِمَعْنًى مُعْتَادٍ مَقْصُودٍ فَثَبَتَ فِيهَا الْحُكْمُ بِالْجَائِحَةِ كَالْمُبْقَاةِ لِتَمَامِ الصَّلَاحِ وَلِذَلِكَ اسْتَوَيَا فِي وُجُوبِ السَّقْيِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ أَخَّرَهَا الْمُبْتَاعُ عَنْ الْمُعْتَادِ مِنْ حَالِهَا فَأُجِيحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْهُ وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ فِي الْبُقُولِ لِاخْتِلَافِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الْأَصْلِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تُوضَعُ فِيهِ جَائِحَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي تُوضَعُ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَا الْبَقْلُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ الْجَائِحَةُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ الْمَحْضِ مُفْرَدًا عَنْ أَصْلِهِ وَالْجَائِحَةُ تُوضَعُ فِيهِ فَأَمَّا مَا كَانَ مَهْرًا فِي نِكَاحٍ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا جَائِحَةَ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ لَا يَقْتَضِي الْمُغَابَنَةَ وَالْمُكَايَسَةَ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْمُوَاصَلَةَ وَالْمُكَارَمَةَ وَوَضْعُ الْجَائِحَةِ يُنَافِي ذَلِكَ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ ثَبَتَ فِيهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَثَبَتَ فِيهِ وَضْعُ الْجَائِحَةِ كَالْبَيْعِ الْمَحْضِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ اشْتَرَى عَرِيَّةً فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ تُوضَعُ فِيهَا الْجَائِحَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُوضَعُ فِيهَا جَائِحَةٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ ثَمَرَةٌ يَضْمَنُهَا بِخَرْصِهَا ثَمَرًا إلَى الْجِدَادِ فَسَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ بِالْجَائِحَةِ كَالزَّكَاةِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْعَرِيَّةُ نَخْلًا مُعَيَّنَةً، وَإِنْ كَانَتْ أَوْسُقًا مِنْ حَائِطٍ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مِقْدَارُ تِلْكَ الْأَوْسُقِ لَزِمَ الْمُبْتَاعَ أَدَاؤُهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ لِإِنْسَانٍ وَلِآخَرَ مِنْهُ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَإِنَّ جَمِيعَهَا لَهُ دُونَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِسَائِرِ الثَّمَرَةِ قَالَهُ فِي الْمَبْسُوطِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ أَصْوُعًا مُقَدَّرَةً فَأُجِيحَتْ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ تُوضَعُ مِنْ الْعَدَدِ الْمُسْتَثْنَى بِقَدْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَنِيَّة إنْ قَصُرَتْ الْجَائِحَةُ عَنْ الثُّلُثِ لَمْ يُوضَعْ مِنْ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ وَإِنْ بَلَغَتْ وُضِعَ عَنْ الْمُبْتَاعِ مِمَّا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ بِقَدْرِ مَا يُوضَعُ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ الثَّمَرَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ يَبِيعُهَا وَيَسْتَثْنِي مِنْهَا كَيْلًا يَكُونُ الثُّلُثَ فَأَدْنَى فَتَهْلَكُ الصُّبْرَةُ إلَّا مَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ دُونَ الْمُبْتَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ لَا يُوضَعُ مِنْ الْعَدَدِ الْمُسْتَثْنَى قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ أُجِيحَ أَكْثَرُ الثَّمَرَةِ أَوْ أَقَلُّهَا.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا عِنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اخْتِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَرَةِ كَيْلًا فَعَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى يَتَنَاوَلُهُ الْبَيْعُ وَارْتَفَعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَقْدِ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ ابْتَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ عَدَدِ الْأَوْسُقِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاؤُهُ مُقَدَّمًا فِي ثَمَرَةٍ أَوْ حَائِطٍ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْحَائِطِ غَيْرُ ذَلِكَ وَعَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْبَيْعُ وَإِنَّمَا أَبْقَاهُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى مِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>