للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِبَةٍ طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِمَارَ، وَمَا كَانَ مِثْلُ هَذَا مِنْ الْأَشْيَاءِ فَذَلِكَ يَدْخُلُهُ. قَالَ مَالِكٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الثَّوْبُ أَضْمَنُ لَك مِنْ ثَوْبِك هَذَا كَذَا وَكَذَا ظِهَارَةَ قَلَنْسُوَةٍ قَدْرُ كُلِّ ظِهَارَةٍ كَذَا وَكَذَا الشَّيْءُ يُسَمِّيهِ فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ حَتَّى أُوَفِّيَكَهُ وَمَا زَادَ فَلِي أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَضْمَنُ لَك مِنْ ثِيَابِك هَذِهِ كَذَا وَكَذَا قَمِيصًا ذَرْعُ كُلِّ قَمِيصٍ كَذَا وَكَذَا فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِي أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْجُلُودُ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ أَوْ الْإِبِلِ أَقْطَعُ جُلُودَك هَذِهِ نِعَالًا عَلَى إمَامٍ يُرِيهِ إيَّاهُ فَمَا نَقَصَ مِنْ مِائَةِ زَوْجٍ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي بِمَا ضَمِنْت لَكَ. وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ عِنْدَهُ حَبُّ الْبَانِ: أَعْصِرْ حَبَّك هَذَا فَمَا نَقَصَ مِنْ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا فَعَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكَهُ وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ أَوْ ضَارَعَهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ وَلَا تَجُوزُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْخَبْطُ أَوْ النَّوَى أَوْ الْكُرْسُفُ أَوْ الْكَتَّانُ أَوْ الْقَضْبُ أَوْ الْعُصْفُرُ أَبْتَاعُ مِنْك هَذِهِ الْحِنْطَةَ بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ خَبْطٍ بِخَبْطٍ مِثْلَ خَبْطَةٍ أَوْ هَذَا النَّوَى بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ نَوًى مِنْ مِثْلِهِ وَفِي الْعُصْفُرِ وَالْكُرْسُفِ وَالْكَتَّانِ وَالْقَضْبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ الْمُزَابَنَةِ) .

جَامِعُ بَيْعِ الثَّمَرِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرًا مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى أَوْ لَبَنًا مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلًا يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَةِ زَيْتٍ يَبْتَاعُ

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ كُلَّ مَالِهِ مِقْدَارٌ يُبَاع بِهِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ بِيعَ مِنْهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَالثَّانِي مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهُ الْجَهْلُ بِالتَّسَاوِي وَهُوَ مُجْرَى فِي الْمَنْعِ مُجْرَى الْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ وَيَدْخُلُهُ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ مَعَ إمْكَانِ التَّفَاضُلِ وَالتَّسَاوِي الْغَرَرُ وَالْقَصْدُ إلَى الْمُخَاطَرَةِ بِأَنْ يَغْبِنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَإِنْ تَبَيَّنَ التَّسَاوِي بِالتَّحَرِّي أَوْ تَبَيَّنَ التَّفَاضُلُ جَازَ وَذَلِكَ لِلْبُعْدِ عَنْ قَصْدِ الْمُخَاطَرَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الطَّعَامُ وَالْمُصَبَّرُ كِلْ صُبْرَتَك هَذِهِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْجُزَافِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَتَاهُ مَنْ قَالَ لَهُ اضْمَنْ لِي مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ مِقْدَارَ كَذَا وَكَذَا فَمَا زَادَ عَلَيْهِ عَلَيَّ وَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا مُجَرَّدُ الْمُخَاطَرَةِ وَالْمُقَامَرَةِ وَأَبْلَغُ مَا يَكُونُ مِنْ الْغَرَرِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَأَنَّ الَّذِي يَبِيعُ الْجُزَافَ بِالْمَكِيلِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ آلَ فِعْلُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُدْفَعُ إلَيْهِ فِي صُبْرَةٍ صُبْرَةٌ مِثْلُهَا مِنْ جِنْسِهَا لَا يَعْلَمُ مُمَاثَلَتَهَا لَهَا وَلَا فَضْلَهَا عَلَيْهَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ غَبْنَهُ فِي كَيْلِهَا بِجِنْسِهَا فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي يُعْطِيهِ أَفْضَلَ فَقَدْ ضَمِنَ لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ صُبْرَتِهِ عَمَّا قُدِّرَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَقَدْ كَانَ لَهُ الْفَضْلُ فَلِذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ الْمَكِيلَ فِي الْجُزَافِ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَمِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْجُزَافِ مِنْهُ بِالْجُزَافِ فَلِذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ الْجُزَافَ بِالْجُزَافِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْقَصْدُ فَيُعْلَمَ أَنَّ غَرَضَهُ عَنْ الْمَبْلَغِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>