للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فَيَقُولُ أَبِيعُك هَذِهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَ ذَكَرَ صَرْفَ كُلِّ دِينَارٍ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ إلَّا بِقَدْرِ دِينَارٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا ذَكَرَ جُمْلَةَ الصَّرْفِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ مِنْهُ إلَّا دِينَارٌ وَاحِدٌ وَرَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِي نُقْرَةٍ يَبْتَاعُهَا جُزَافًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيَجِدُ مِنْهَا مِسْمَارَ نُحَاسٍ أَوْ يَبِيعُهَا كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ أَنَّ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَيُنْتَقَضُ مِنْهَا بِقَدْرِ الْمِسْمَارِ إلَى تَمَامِ دِينَارٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: يُنْتَقَضُ جَمِيعُ الصَّرْفِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الدَّنَانِيرَ الْمُتَسَاوِيَةَ تَقْتَضِي التَّقَابُلَ وَتَمْنَعُ التَّقْسِيطَ فَلَا يَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فِي نَقْضِ الْعَقْدِ لِعَيْبِ الصِّفَةِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا ذَكَرَ كُلَّ دِينَارٍ بِصَرْفِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ حِصَّةً فَإِنَّهُ قَدْ أَفْرَدَهُ بِالْعَقْدِ وَإِذَا سَمَّى الْجُمْلَةَ فَقَدْ شَمَلَهَا الْعَقْدُ فَإِذَا بَطَلَ بَعْضُهُ بَطَلَ جَمِيعُهُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ قَرْضًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرُدُّ مِنْهَا أَصْغَرَ قَرْضٍ فِيهَا وَيُضِيفُ إلَى الدِّرْهَمِ الزَّائِفَ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَا يُقَابِلُ تِلْكَ الْقَرْضَةَ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إنَّ قَرْضَ الْقِرَاضَةِ الْمَضْرُوبَةِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا عَلَى تَجْوِيزِ أَصْبَغَ لِذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يُقْرِضَ مِنْهَا بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الدَّنَانِيرَ تَتَعَيَّنُ بِالنَّقْدِ وَعَلَى قَوْلِنَا لَا تَتَعَيَّنُ يَرُدُّ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ قَرْضَةَ ذَهَبٍ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ.

(فَرْعٌ) وَإِنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ وَالْقِيَمِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَى حُلِيًّا مَصُوغًا أَسْوِرَةً وَخَلَاخِلَ وَغَيْرَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ فَوَجَدَ بِهَا دِرْهَمًا زَائِفًا أَنَّهُ يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ كُلُّهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ قِيَمِ الْحُلِيِّ بِالصِّيَاغَةِ يَقْتَضِي التَّقْسِيطَ وَإِذَا دَخَلَ ذَلِكَ التَّقْسِيطُ سَرَى مِنْ الدَّرَاهِمِ جُزْءٌ إلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْحُلِيِّ فَإِذَا اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ فِي الدِّرْهَمِ اُنْتُقِضَ فِي جَمِيعِ الْحُلِيِّ وَلَوْ وَجَدَ فِي جَمِيعِ الْحُلِيِّ مِسْمَارَ نُحَاسٍ فَقَدْ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي سِوَارَيْنِ مِنْ الْحُلِيِّ اُنْتُقِضَ فِي السِّوَارَيْنِ جَمِيعًا وَرَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرُدُّهَا كُلَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مِائَةَ زَوْجٍ وَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ السِّوَارَيْنِ بِمَنْزِلَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِذَا اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ فِي أَحَدِهِمَا اُنْتُقِضَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْتَرِقَا فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ بَاعَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ وَلِأَنَّ النَّقْصَ لَمَّا طَرَأَ مِنْ جِهَتِهِمَا وَالْعِوَضُ الَّذِي يُقَارِبُ مُسَاوٍ لَمْ يَدْخُلْهُ التَّقْسِيطُ وَإِنَّمَا يَلْحَقُ الْحُلِيَّ التَّقْدِيرُ وَالتَّقْوِيمُ فَإِذَا عَلِمْت قِيمَةَ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهُ قُوبِلَ مِنْ الدِّرْهَمِ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ عِيسَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الِاخْتِلَافُ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لَزِمَ التَّقْوِيمُ وَهُوَ مَعْنَى التَّقْسِيطِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ التَّقْسِيطُ مَعَ تَسَاوِي أَجْزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِوَضَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْوِيمِ وَالتَّقْسِيطِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَبِمَ يُنْتَقَضُ مَا يُنْتَقَضُ مِنْ الصَّرْفِ لِوُجُودِ الْعَيْبِ فِي أَحَدِ عِوَضَيْهِ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِإِنْفَاذِ الرَّدِّ لَا بِإِرَادَتِهِ وَلَوْ وَجَدَ عَيْبًا بِهِ فَجَاءَ لِيَرُدَّهُ فَأَرْضَاهُ الْآخَرُ لَا بَدَلَ لَهُ لَجَازَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَبِمَاذَا يَصِحُّ أَنْ يُرْضِيَهُ قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَوْقَ ذَهَبٍ فِيهِ مِائَةُ دِينَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَجَاءَ لِرَدِّهِ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ بِدِينَارٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الرَّدَّ لَمْ يَتِمَّ بَيْنَهُمَا وَأَخَذَ عَنْ ذَلِكَ دِينَارًا فَلَا يَفْسُدُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَمْ يَتِمَّ وَقَدْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِمَا أَرْضَاهُ بِهِ وَلَا يَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَبِيعَهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَدِينَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَيْسَ فِي الدِّينَارِ الَّذِي أَعْطَاهُ تَأْخِيرٌ؛ لِأَنَّهُ نَقَدَهُ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَالرِّضَا بِهِ كَمَا لَوْ زَادَهُ دِينَارًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَا آلَ إلَيْهِ أَمْرُهُمَا مِنْ الْفَسَادِ بِإِنْ صَارَفَهُ مِائَةَ دِينَارٍ نَقْدًا وَدِينَارًا مُؤَجَّلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي دَفَعَ إلَيْهِ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا لَمْ يَجُزْ قَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ جَائِزٌ فِيهِمَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا رَدَّ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ دَرَاهِمِهِ فَقَدْ صَارَ ثَمَنُ الطَّوْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>