للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرَاطِلُ الرَّجُلَ وَيُعْطِيهِ الذَّهَبَ الْعَيْنَ الْجِيَادَ وَيَجْعَلُ مَعَهَا تِبْرًا ذَهَبًا غَيْرَ جَيِّدَةٍ وَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَهَبًا كُوفِيَّةً مُقَطَّعَةً وَتِلْكَ الْكُوفِيَّةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ فَيَتَبَايَعَانِ عَلَى ذَلِكَ مِثْلًا بِمِثْلٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ.

قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الذَّهَبِ الْجِيَادِ أَخَذَ فَضْلَ عُيُونِ ذَهَبِهِ فِي التِّبْرِ الَّذِي طُرِحَ مَعَ ذَهَبِهِ وَلَوْلَا فَضْلُ ذَهَبِهِ عَلَى ذَهَبِ صَاحِبِهِ لَمْ يُرَاطِلْهُ صَاحِبُهُ بِتِبْرِهِ ذَلِكَ إلَى ذَهَبِهِ الْكُوفِيَّةِ وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ كَمِثْلِ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ ثَلَاثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ بِصَاعَيْنِ وَمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ كَبِيسٍ فَقِيلَ لَهُ هَذَا لَا يَصْلُحُ فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ وَصَاعًا مِنْ حَشَفٍ يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْعَجْوَةِ لِيُعْطِيَهُ صَاعًا مِنْ الْعَجْوَةِ بِصَاعَيْ حَشَفٍ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِفَضْلِ الْكَبِيسِ أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِعْنِي ثَلَاثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ الْبَيْضَاءِ بِصَاعَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ فَنَقُولُ هَذَا لَا يَصْلُحُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ وَصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ الْبَيْعَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَهَذَا لَا يَصْلُحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُعْطِيَهُ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ مُفْرَدًا وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ لِفَضْلِ الشَّامِيَّةِ عَلَى الْبَيْضَاءِ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ وَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ التِّبْرِ.

قَالَ مَالِكٌ فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ كُلُّهُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْتَاعَ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَعَ الصِّنْفِ الْجَيِّدِ مِنْهُ الْمَرْغُوبِ فِيهِ الشَّيْءُ الدَّنِيءُ الْمَسْخُوطُ لِيُجَازَ بِذَلِكَ الْبَيْعُ، وَيَسْتَحِلَّ بِذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ إذَا جَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الصِّنْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ صَاحِبُ ذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ بِذَلِكَ فَضْلَ جَوْدَةِ مَا بِيعَ فَيُعْطِي الشَّيْءَ الَّذِي لَوْ أَعْطَاهُ وَحْدَهُ لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَهْمُمْ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ مِنْ أَجْلِ الَّذِي يَأْخُذُ مَعَهُ لِفَضْلِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ فَلَا يَنْبَغِي لِشَيْءٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ أَنْ يَدْخُلَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ أَنْ يَبِيعَهُ بِغَيْرِهِ فَلْيَبِعْهُ عَلَى حِدَتِهِ وَلَا يَجْعَلَ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ) .

ــ

[المنتقى]

شَيْءٌ تَسَاوَيَا أَوْ اخْتَلَفَا فَلَا يَجُوزُ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ الدِّينَارَانِ مُتَسَاوِيَانِ وَالدِّرْهَمَانِ كَذَلِكَ وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عِوَضِ الذَّهَبِ مَا لَيْسَ بِذَهَبٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْمَلَهُمَا بَيْعٌ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ رَاطَلَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَأَحَدُ الذَّهَبَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِمِقْدَارِ الْجَيِّدِ مِنْ الرَّدِيءِ لَمْ تَجُزْ الْمُرَاطَلَةُ وَلَا الْمُبَايَعَةُ كُلُّهَا وَإِنْ عَلِمَ مِقْدَارَ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الذَّهَبَيْنِ مِنْ جِنْسِ الذَّهَبِ الْمُفْرَدَةِ مُسَاوِيَةً لَهَا فِي الْجَوْدَةِ وَالنَّفَاقِ أَوْ لَا تَكُونُ إحْدَاهُمَا مُسَاوِيَةً لَهَا فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَتْ الذَّهَبُ الَّتِي مَعَهَا أَفْضَلَ أَوْ أَدْوَنَ وَهَذَا لَا وَجْهَ فِيهِ لِمَنْعِ الذَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّ مُسَاوَاةَ إحْدَى الذَّهَبَيْنِ الذَّهَبَ الَّتِي فِي عِوَضِهَا تَنْفِي التُّهْمَةَ الَّتِي تَلْحَقُ مِنْ جِهَةِ التَّقْسِيطِ فَمَوْجُودٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ التَّقْسِيطُ عَلَى وَجْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>