للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَوَجْهُ وُقُوعِهِ عَلَى الرِّفْقِ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَسَبِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فِيهِ فَإِنْ تَغَيَّرَ عَنْهُ لِزِيَادَةِ ثَمَنٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ مُخَالَفَةٍ فِي جِنْسِ ثَمَنٍ أَوْ أَجَلٍ خَرَجَ عَنْ وَجْهِ الرِّفْقِ إلَى الْبَيْعِ الَّذِي لَا يَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ مَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ أَوْ إقَالَةٍ» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ عُقُودٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَالْمُوَاصَلَةِ دُونَ الْمُغَابَنَةِ وَالْمُكَايَسَةِ الَّتِي لِمُضَارَعَتِهَا مُنِعَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مُنِعَ لِمُشَابَهَتِهِ الْعِينَةَ فَإِذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ وَعَرِيَتْ مِنْ الْمُغَابَنَةِ وَالْمُكَايَسَةِ كَانَتْ مُبَاحَةً كَالْقَرْضِ وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ فَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الطَّعَامِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَ عَيْنٍ فَأَمَّا الْعَيْنُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ الْإِقَالَةِ بِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ أَوْ قَدْرُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِقَالَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى مِثْلِ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّهَا لَيْسَتْ بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ وَهِيَ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الطَّعَامِ غَيْرَ عَيْنٍ لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ أَوْ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ فَفِي الْوَاضِحَةِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ بِالْمِثْلِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعِ وَشَرَطَ أَنْ لَا يَكُونَ أَرْفَعَ مِنْهُ وَلَا أَدْنَى وَأَنْ يَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَهُ مِثْلٌ فَصَحَّتْ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا عِوَضٌ يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ فَلَمْ تَجُزْ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ إلَّا بِعَيْنِهِ دُونَ مِثْلِهِ أَصْلُ ذَلِكَ مَا يَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ كَالثَّوْبِ وَالْحَيَوَانِ فَفِي الْوَاضِحَةِ لَا يَجُوزُ الْإِقَالَةُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِقِيمَتِهِ وَإِنَّمَا تَجُوزُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ مَا لَمْ تَدْخُلْهُ زِيَادَةٌ وَلَا نَقْصٌ فِي بَدَنٍ وَيَجُوزُ إنْ دَخَلَهُ تَغَيُّرُ أَسْوَاقٍ وَوَجْهُ هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا هِيَ فِي مَعْنَى حِلِّ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَيْهِ ثَمَنَهُ وَلَا مِثْلَهُ لَمْ تَكُنْ إقَالَةً وَكَانَ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ ثَمَنًا لِعَمَلٍ فِي إجَارَةٍ جَازَ أَنْ يُقِيلَهُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَمَلِ فَإِنْ عَمِلَ بَعْضَ الْعَمَلِ جَازَ أَنْ يُقِيلَهُ مِمَّا بَقِيَ دُونَ مَا عَمِلَ رَوَاهُ كُلَّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ وَوَجْهُ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ أَعْمَالَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ الْآخَرُ مِثْلًا لِلْأَوَّلِ وَذَلِكَ يُنَافِي الْإِقَالَةَ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهِ بَعْدَ فَوَاتِهِ كَالثَّوْبِ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَفِي الْوَاضِحَةِ وَلَا تَبِعْ طَعَامَك مِنْ كِتَابَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا تَافِهًا بِيعَ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا يَخْتَصُّ بِالرِّفْقِ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ كَالْقَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَكَرَّرَ عَلَى الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَنْ يَلِيَ الْبَيْعَ وَيَلِيَهُ الْبَيْعُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ نَعْلَمُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَأَمَّا مَا يَلْزَمُ الذِّمَّةَ مِنْ الطَّعَامِ بِغَيْرِ عَقْدٍ مِثْلُ أَنْ يَلْزَمَهَا بِالْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَالْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ إنْ كَانَ مِثْلًا لِمُتْلَفٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ أَخْذَ مِثْلَ الطَّعَامِ فِي الْغَصْبِ يَتَوَالَى عَلَى الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَلَّلَهُمَا قَبْضٌ فَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ لَمَا جَازَ أَنْ يَتَوَالَيَا عَلَيْهِ وَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ طَعَامٌ يُؤْخَذُ عِوَضًا عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ وَتَرْكِ الْإِرْفَاقِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَلِيَ الْبَيْعَ دُونَ قَبْضِ أَصْلِ ذَلِكَ الْبَيْعِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْعُقُودِ لَيْسَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَالَى عَلَى الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عُقُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>