للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : «مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنْت بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ النِّدَاءَ فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ حَتَّى إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اُذْكُرْ كَذَا اُذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى» )

ــ

[المنتقى]

أَبُو رَافِعِ بْنِ سِيرِينَ وَأَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(ش) : قَوْلُهُ فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ ذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ النِّدَاءَ إنَّمَا يَلْزَمُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَالْقَبَائِلِ وَحَيْثُ يَكُونُ الْأَئِمَّةُ.

وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَإِنْ أَذَّنَ فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَ الْأَذَانَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَاتُ يُصَلِّي بِهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ غَيْرُ الْإِمَامِ الْمُقَدَّمِ لِأُمُورِ النَّاسِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَذَانٌ.

وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ لِلرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ فِي غَنَمِهِ أَوْ بَادِيَتِهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي غَنَمِهِ أَوْ بَادِيَتِهِ مُعْتَزِلًا عَنْ الْحَوَاضِرِ الَّتِي يُقَامُ فِيهَا الْأَذَانُ فِي الْمَسَاجِدِ يَحْتَاجُ إلَى شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الْأَذَانُ لِيَتَحَرَّكَ بِشِعَارِ الْإِسْلَامِ وَتَجْتَنِبَهُ سَرَايَا الْمُسْلِمِينَ وَجُيُوشُهُمْ.

وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغِيرُ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَكَانَ يَسْتَمِعُ الْأَذَانَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ خَرَجْت مِنْ النَّارِ فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ رَاعِي مِعْزَى» وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي حَوَاضِرِ الْمُسْلِمِينَ وَبِلَادِهِمْ اسْتَغْنَى عَنْ الْأَذَانِ لِأَنَّ الْأَذَانَ فِي الْمَسَاجِدِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ شِعَارٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِمَّنْ سَكَنَ ذَلِكَ الْبَلَدَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ» أَمَرَهُ بِرَفْعِ صَوْتِهِ بِالْإِعَادَةِ لِيَسْمَعَهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ وَتُعْلَمُ بِذَلِكَ حَالُهُ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ سَمِعَ صَوْتَهُ مِنْ جِنٍّ وَإِنْسٍ وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ سَائِرَ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يَسْمَعَ صَوْتَهُ وَمَعْنَى فَائِدَةِ الْمُؤَذِّنِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ بِهِ أَعْظَمَ أَجْرًا فِي الْآخِرَةِ مِمَّنْ أَذَّنَ فَلَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ بِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ» إخْبَارٌ عَنْ انْزِعَاجِهِ وَفِرَارِهِ حِينَ الْأَذَانِ عَنْ سَمَاعِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِي تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِتَأَذِّيهِ بِالْأَذَانِ حِينَ سَمَاعِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يَبْعُدُ إلَى مِثْلِ الرَّوْحَاءِ عَنْ الْمَدِينَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قُضِيَ الْأَذَانُ أَقْبَلَ» يُرِيدُ أَقْبَلَ إلَى الْإِنْسَانِ لِيُوَسْوِسَ لَهُ وَيُدْهِيَهُ عَنْ أَعْمَالِ الطَّاعَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَتَّى إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ» قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَقَالَ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مَعْنَاهُ حَتَّى إذَا نُودِيَ لَهَا يُرِيدُ النِّدَاءَ الثَّانِيَ وَقَوْلُ عِيسَى أَبَيْنُ.

وَقَدْ رُوِيَ مُفَسَّرًا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فَإِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ ذَهَبَ حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ «حَتَّى إذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ» يُرِيدُ حَتَّى يَمُرَّ بَيْنَ الْمَرْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>