للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

هَذَا عَدِمَ شَرْطَ الصِّحَّةِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ أَصْلُ ذَلِكَ مِقْدَارُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا تَخْتَلِفُ أَسْوَاقُهَا فَلَوْ كَانَ اعْتِبَارُ مُدَّةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا أَسْوَاقُ الْعُرُوضِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ السَّلَمِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ السَّلَمُ فِي الْعَيْنِ وَلَوَجَبَ أَنْ تَخْتَلِفَ آجَالُ السَّلَمِ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ فَإِنَّ مِنْ السِّلَعِ مَا يَكْثُرُ تَغَيُّرُ أَسْوَاقِهِ كَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ وَمِنْهَا مَا يَنْدُرُ ذَلِكَ فِيهَا كَالْجَوْهَرِ وَالْيَاقُوتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ فَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّ تَغَيُّرَ الْأَسْوَاقِ فِي ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِمُدَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى حَسَبِ عُرْفِ الْبِلَادِ وَمَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّمَا قَدَّرَ عَلَى عُرْفِ بَلَدِهِ وَتَقْدِيرُ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَعِشْرِينَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا عُرْفُ الْبِلَادِ وَمُقْتَضَى مَا عُلِمَ مِنْ أَسْوَاقِهَا فَإِنَّهُ يَغْلِبُ تَغَيُّرُهَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَعُرْفُ مِصْرَ كَعُرْفِ غَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَوَجْهُ الْأَجَلِ فِي الْبِيَاعَاتِ أَنْ يُبَيِّنَ بِمَا يُمْكِنُ تَبْيِينُهُ بِهِ وَجَرَتْ بِمِثْلِهِ الْعَادَةُ فَيَقُولُ إلَى أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى آخِرِهِ أَوْ إلَى يَوْمِ كَذَا مَضَتْ مِنْهُ أَوْ بَقِيَتْ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ إلَى شَهْرِ كَذَا فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ يَحِلُّ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ فَأَمَّا إنْ قَالَ يُوَفِّيهِ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا فَقَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَطَّارِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا إنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَلَيْسَ بِأَجَلٍ مَحْدُودٍ وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ مَا بَيْنَ أَوَّلِ الشَّهْرِ إلَى آخِرِهِ غَيْرَ أَنَّ السَّلَمَ لَا يُنْتَقَضُ بِذَلِكَ وَيُكْرَهُ بَدْءًا فَإِنْ وَقَعَ مَضَى وَنَفَذَ وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى الْجِدَادِ وَالْحَصَادِ وَمَنَعَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا أَجَلٌ مُعَلَّقٌ بِوَقْتٍ مِنْ الزَّمَانِ مَعْلُومٍ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ أَجَلًا فِي السَّلَمِ وَالْبُيُوعِ الْمُؤَجَّلَةِ أَصْلُهُ إذَا أَجَّلَهُ بِسَنَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَجُوزُ فِي الْآجَالِ إلَى خُرُوجِ الْعَطَاءِ إذَا كَانَ وَقْتُ الْعَطَاءِ مَعْرُوفًا لَا يَخْتَلِفُ وَالْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ خُرُوجِ الْعَطَاءِ فَإِذَا حَلَّ ذَلِكَ الْوَقْتُ حَلَّ الْأَجَلُ خَرَجَ الْعَطَاءُ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَكَذَلِكَ تَأْجِيلُهُمْ إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَالْكَلَامُ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.

١ -

(فَصْلٌ) :

، وَأَمَّا مَا يَقْتَضِي تَغَيُّرَ بَلَدِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْأَجَلِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَالًّا وَهَذَا تَجَوُّزٌ فِي عِبَارَةٍ؛ لِأَنَّ قَطْعَ مُدَّةِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ أَجَلٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ حَالٍّ يُؤَجَّلُ بِالرِّيفِ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَسْوَاقِ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ كَاخْتِلَافِهَا بَعْدَ الْآجَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسَ يُجَهِّزُونَ الْأَمْتِعَةَ إلَى الْبِلَادِ رَجَاءَ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ كَمَا يُؤَخِّرُونَ السِّلَعَ إلَى الْأَجَلِ وَجَازَ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَرَّرْنَا فِيهِ قِيَاسًا فَنَقُولُ إنَّ هَذَا مَعْنَى عُرْفِهِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ فَجَازَ السَّلَمُ إلَيْهِ كَالْأَجَلِ الْبَعِيدِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ عَقَدَا عَلَى ذَلِكَ عَقْدًا صَحِيحًا وَجَبَ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْخُرُوجُ إلَى مَكَانِ الْقَضَاءِ مَتَى بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِقْدَارٌ تُقْطَعُ فِيهِ الْمَسَافَةُ فَإِنْ أَبَى مِنْ الْخُرُوجِ أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِي الْمُسَلَّمَ مَا سُلِّمَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى مَوْضِعِهِ أَوْ الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ بِالتَّوْكِيلِ.

(فَرْعٌ) فَهَلْ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلَ بَعْدَ أَنْ قَصَدَ خَارِجًا إلَى مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ تَوْكِيلُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْزِلَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فَيَبْطُلُ سَفَرُ الْمُسَلِّمُ أَوْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مَنْ سَلَّمَ إلَيْهِ حَقَّهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ لَيْسَ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ عَزْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسَلِّمِ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ كَمَا يَقُولُ فِي التَّوْكِيلِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ وَكَمَا يَقُولُ فِي الْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ إذَا تَقَيَّدَتْ عَلَيْهِ الْمَقَالَاتُ لَمْ يَكُنْ لِمُوَكِّلِهِ عَزْلٌ إلَّا بِرِضَا مَنْ يُخَاصِمُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْوَكَالَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ جَازَ

<<  <  ج: ص:  >  >>