للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الْأُبُوَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ، وَيُحْبَسُ سَائِرُ الْقَرَابَاتِ مِنْ الْأَجْدَادِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ ظَهَرَ أَنْ لَا مَالَ لَهُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحَلِّفُهُ، وَيُطْلِقُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ الشُّهُودُ إنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَيَنْقَضِي أَمْرُ السِّجْنِ، وَيَلْزَمُهُ هُوَ الْيَمِينُ لِأَنَّ الشُّهُودَ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْعِلْمِ فَعَلَيْهِ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَاطِنِ بِالْبَتِّ كَالرَّجُلِ يَسْتَحِقُّ الدَّارَ فَيَشْهَدُ الشُّهُودُ لَهُ عَلَى عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَوْتَهُ فَيَحْلِفُ هُوَ عَلَى الْبَاطِنِ بِالْبَتِّ وَالْقَطْعِ أَنَّهُ مَا فَوَّتَهُ.

١ -

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا مَنْ ثَبَتَ فَلَسُهُ، وَعُلِمَ عُدْمُهُ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُحْبَسُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فَلَا يُحْبَس حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] .

١ -

(مَسْأَلَةٌ) وَلَا يُؤَاجِرُ الْمُفْلِسُ فِي دَيْنِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ دُونَ عَمَلِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا مَنْ عُلِمَ غِنَاهُ أَوْ كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرَ أَمْرِهِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْعُتْبِيَّةِ يُحْبَسُ حَتَّى يُوَفِّيَ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ أَوْ يَتَبَيَّنُ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فَهَذَا لَا يُصْرَفُ، وَلَا يُعَجَّلُ سَرَاحُهُ حَتَّى يُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ التُّجَّارِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ ثُمَّ يَدَّعُونَ ذَهَابَهَا، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ سُرِقَ لَهُ شَيْءٌ، وَلَا أُحْرِقَ لَهُ مَنْزِلٌ، وَلَا أُصِيبَ بِشَيْءٍ.

١ -

(فَصْلٌ)

وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فَلَسُهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ فَيَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَيَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَقْسِمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَيُعَجِّلُ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، وَمَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ كَانَ أَحَقَّ بِهَا، وَهَذَا مَعْنَى تَفْلِيسِهِ، وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُون حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَقَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ لِيُفْلِسَ لَهُمْ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ إنْ كَانَتْ غِيبَةً قَرِيبَةً فَيَكْتُبُ إلَيْهِ، وَيَكْشِفُ عَنْ أَمْرِهِ لِيَعْرِفَ مَلَاءَهُ مِنْ عُدْمِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَعْرِفَ فِي الْعُدْمِ وَالْيَسَارِ أَوْ يَجْهَلَ ذَلِكَ فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَلِسَ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ عَرَفَ يَسَارَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفَلَّسُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مَعْرُوفُ الْمَلَاءَةِ فَلَا يُفَلَّسُ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ حَاضِرًا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ مَالَ الْغَائِبِ الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ لَا يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ، وَلَا يُعْرَفُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إفْلَاسَهُ.

(فَرْعٌ)

فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ يُفَلِّسُهُ الْحَاكِمُ، وَيَقْضِي دُيُونَ الْحَاضِرِينَ، وَتَحَاصُّوا بِمَا عُلِمَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ لِغَائِبٍ، وَلَا يُؤَخَّرُونَ لِاسْتِبْرَاءِ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَاقِيَةٌ، وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ ذَهَبَتْ فَلِذَلِكَ يُسْتَأْنَى بِهِمْ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ رَوَاهُ مُطَرِّفٌ، وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ جَمِيعُ غُرَمَائِهِ تَفْلِيسَهُ أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ لِلْقَائِمِ تَفْلِيسَهُ وَسَجْنَهُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونَ، وَإِنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلطَّالِبِ فَلَا يَبْطُلُ بِإِسْقَاطِ غَيْرِهِ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْحَقُّ كَمَا لَوْ وَهَبَ بَعْضُهُمْ دَيْنَهُ لَمْ يَلْزَمْ غَيْرَهُمْ أَنْ يَهَبَهُ دَيْنَهُ أَيْضًا، وَلِمَنْ أَبَى تَفْلِيسَهُ أَنْ يُحَاصَّ لِلْقَائِمِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ، وَيُقِرَّ بِيَدِ الْمُفْلِسِ مَا كَانَ لَهُ بِالْمُحَاصَّةِ، وَلَيْسَ لِلْقَائِمِ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي دَيْنِهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَفْلِيسَهُ يَقْتَضِي تَحَاصَّ غُرَمَائِهِ فِي مَالِهِ فَمَنْ أَقَرَّ حِصَّتَهُ بِيَدِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>