للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فَنَسِيَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَ الرُّكُوعِ حَتَّى صَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ وَلَا عِنْدَ الرُّكُوعِ وَكَبَّرَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ يَبْتَدِئُ صَلَاتَهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَوْ سَهَا مَعَ الْإِمَامِ عَنْ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَكَبَّرَ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ رَأَيْت ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ إذَا نَوَى بِهَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ) .

ــ

[المنتقى]

بِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّهُ إذَا رَكَعَ دُونَ تَكْبِيرٍ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ مَتَى مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي صَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهَا وَلَا لَفْظُهُ فَهُوَ إذَا ذَكَرَ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ فَإِنْ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ يَنْوِي بِذَلِكَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ أَوَّلَ رَكْعَةٍ وَلَمْ يَنْوِ الِافْتِتَاحَ فَهَلْ يَتَمَادَى فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَبْتَدِئُهَا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: أَنْ يَبْتَدِئَهَا.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَتَمَادَى وَيُعِيدُهَا.

وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهَا صَلَاةٌ لَا تُجْزِئُهُ وَلَا تَبْرَأُ بِهَا ذِمَّتُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَتَمَادَى عَلَيْهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُكَبِّرْ لِلرُّكُوعِ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِالتَّمَادِي عَلَيْهَا ثُمَّ يَقْضِي الصَّلَاةَ بِنَفْسِ الِانْفِرَادِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهَا صَلَاةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ يَرَى أَنَّهَا مُجْزِئَةٌ عَنْهُ وَرَبِيعَةُ يَقُولُ لَا تُجْزِي عَنْهُ فَقَدْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا فَيُكْرَهُ أَنْ يُبْطِلَ صَلَاتَهُ وَعَمَلًا قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إجْزَائِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَمَادَى عَلَيْهَا ثُمَّ يُعِيدَهَا فَيَجْمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَأَمَّا إنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ فَنَسِيَ الْإِحْرَامَ فَلْيُكَبِّرْ مَتَى مَا ذَكَرَ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يُكَبِّرْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ بِسَلَامٍ وَلَا كَلَامٍ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ تَمَادَى وَأَعَادَ زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ رَكْعَةً.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْوَارِدَ لِلصَّلَاةِ وَالْعَامِدَ إلَيْهَا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ لَا تُوجَدَ مِنْهُ نِيَّةٌ إلَيْهَا فَإِذَا نَسِيَهَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَاَلَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ إذَا نَوَاهَا قَبْلَ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ نَسِيَهَا عِنْدَ التَّكْبِيرِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابٍ.

فَإِذَا وُجِدَتْ مِنْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يُكَبِّرْ لِلْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ اقْتَضَتْ النِّيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَأَجْزَأَتْهُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابٍ وَلَمْ تُجْزِهِ عِنْدَ رَبِيعَةَ مَا لَمْ تُقَارِنْ النِّيَّةُ التَّكْبِيرَ وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ لِلرُّكُوعِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى وَكَبَّرَ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَ بَيْنَ النِّيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبَيْنَ تَكْبِيرَةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَمَلُهُ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَمْ يَصِحَّ انْتِظَامُهَا بِهَا لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ النِّيَّةِ وَبَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَلَا مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا فِيمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ فَلَمْ يُكَبِّرْ إلَّا لِلرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ تَمَامَ الصَّلَاةِ عَلَى تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ إنَّمَا هُوَ لِئَلَّا يُبْطِلَ عَمَلًا مُخْتَلَفًا فِي إجْزَائِهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا فَيَجِبُ إتْمَامُهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فِي الْجُمُعَةِ فَقَدْ رَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُجْزِيه فِي هَذَا خَاصَّةً أَنْ يُكَبِّرَ فِي الثَّانِيَةِ وَيَجْعَلَهَا أُولَاهُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَتَمَادَى وَيُعِيدُهَا ظُهْرًا.

وَجْهُ رِوَايَةِ يَحْيَى أَنَّ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ تَصِحُّ فِي غَيْرِ إمَامٍ فَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَيُعِيدُهَا لِأَنَّ تَمَادِيهِ لَا يُفِيتُهَا وَالْجُمُعَةُ لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ إمَامٍ فَتَمَادِيهِ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ لَا تُجْزِيهِ يُفِيتُ الْجُمُعَةَ الَّتِي تُجْزِيهِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا نَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَيَلْزَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>