للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

ثَبَتَ ذَلِكَ فَمِنْ شَرْطِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ السَّمَاعِ حَتَّى يَقُولَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَا وَلَا يُسَمُّوا مَنْ سَمِعُوا مِنْهُ فَإِنْ سَمَّوْا خَرَجَتْ عَنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ.

(فَرْعٌ) وَيُجْزِئُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى السَّمَاعِ رَجُلَانِ وَمَا كَثُرَ أَحَبُّ إلَيْنَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى السَّمَاعِ وَفِي الْقَبِيلِ مِائَةٌ مِنْ أَنْسَابِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا بِأَمْرٍ يَفْشُو وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَا شَيْخَيْنِ قَدِيمَيْنِ قَدْ بَادَ جِيلُهُمَا فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا.

١ -

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا إنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ تَخْتَصُّ بِمَا تَقَادَمَ مِنْ الزَّمَانِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ تَجُوزُ فِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَنَحْوِهَا لِتَقَاصُرِ أَعْمَارِ النَّاسِ قَالَهُ أَصْبَغُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا تُقْبَلُ فِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً شَهَادَةٌ عَلَى السَّمَاعِ إلَّا فِيمَا تَقَادَمَ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا ظَنِينٍ فَرَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ الْمُتَّهَمُ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ غَيْرُ الصَّلَاحِ.

وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ هُوَ الْمُتَّهَمُ فَكُلُّ مَنْ اُتُّهِمَ فِي شَهَادَتِهِ بِمَيْلٍ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مُبَرَّزًا فِي الْعَدَالَةِ إلَّا أَنَّ التُّهْمَةَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا رَدُّ الشَّهَادَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا لِجَرِّ الْمَالِ، وَالثَّانِي لِدَفْعِ الْمَعَرَّةِ أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي جَرِّ الْمَالِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْهَدَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِي كَثْرَةِ مَالِهِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَ لِمَنْ يَنَالُهُ مَعْرُوفُهُ، فَأَمَّا مَنْ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ لَهُ خَاصَّةً أَوْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لَهُ خَاصَّةً فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لِنَفْسِهِ هِيَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ شَهِدَ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلَيْنِ لَهُمَا مَالٌ عَلَى رَجُلٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِ الْمَالِ لِصَاحِبِهِ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَرْدُودَةٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا فَإِنَّ النِّصْفَ الَّذِي لِشَرِيكِهِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، وَلَوْ قَبَضَهُ شَرِيكُهُ لِسَاهِمِهِ فِيهِ فَقَدْ عَادَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ اقْتَسَمَا الْحَقَّ قَبْلَ الشَّهَادَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ شَهِدَ شَهَادَةً لَهُ فِيهَا حَقٌّ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ غَيْرَ وَصِيَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً وَكَانَ لَهُ فِيهَا مَالٌ كَثِيرٌ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إحْدَاهَا لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَالثَّالِثَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ يَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَبِهَذَا قَالَ مُطَرِّفٌ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ شَهِدَ لَهُ بِحَقٍّ لَهُ فِيهِ حَظٌّ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ الْوَصِيَّةِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ التُّهْمَةَ إنَّمَا تَخْتَصُّ بِهِ وَلَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِ لِغَيْرِهِ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَتَصِحُّ لِغَيْرِهِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ لَمْ تُبْطِلْ بَعْضَهَا تُهْمَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ جَمِيعُهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِغَيْرِهِ دُونَهُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِهَا فِي الْقَلِيلِ فَكَمُّ الْقَلِيلِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ فِي شَاهِدَيْنِ أَوْصَى إلَيْهِمَا رَجُلٌ وَأَشْهَدَهُمَا فِي ثُلُثِهِ أَنَّ ثُلُثَهُ لِلْمَسَاكِينِ وَثُلُثَهُ لِجِيرَانِهِ وَثُلُثَهُ لَهُمَا هَذَا يَسِيرٌ وَيَجُوزُ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا مِمَّا لَهُ بَالٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ شَهِدَ فِي غَيْرِ وَصِيَّةٍ لِحَقٍّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَنْ شَهِدَ بِشَهَادَةٍ لَهُ فِيهَا حَقٌّ وَلِغَيْرِهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَهُ يَسِيرٌ جِدًّا، وَكَذَلِكَ لَمْ يُتَّهَمْ عَلَيْهِ فَإِذَا قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ إذَا أَجَزْنَاهَا أَنَّ الْمُتَوَفَّى مُتَيَقَّنٌ انْتِقَالُهُ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ إلَّا بَعْدَ سَلَامَتِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَوَقْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>