للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدَيْهِ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِحَقٍّ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ قَالَا عَنْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ قَضَاهُ فَيَحْلِفُ عَلَى الْقَضَاءِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ أَحَقَّتْ لَهُ دِينَهُ فَلَا مَعْنَى لِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ أَقْوَى مِنْ يَمِينِهِ، وَلِذَلِكَ بَرِئَ بِهَا عَنْ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ، وَيَمِينِ الطَّالِبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلطَّالِبِ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ، وَمَا الَّذِي يَلْزَمُهُ مِنْ الْيَمِينِ فِي إنْكَارِهِ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبَائِعِ يَجْحَدُ قَبْضَ الثَّمَنِ فَيُنْكِرُهُ الْمُبْتَاعُ، وَيُرِيدُ أَنْ يَحْلِفَ مَا لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قَالَ بَلْ يَحْلِفُ مَا اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةَ كَذَا فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونَ إذَا حَلَفَ مَا لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ كُلِّ مَا يَدَّعِيهِ فَقَدْ بَرِئَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَوْلَانِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ إنْكَارِهِ وَمَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَحْلِفُ الْمُنْكِرُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَاهُ مِنْ حُقُوقِ نَفْسِهِ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ، وَمَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ حَلَفَ عَلَى الْعِلْمِ مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ قَضَاءَ أَبِيهِ الْمَيِّتِ دِينَهُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ قَبَضَهُ، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَوْ يَدَّعِي قِبَلَ مُوَرِّثِهِ حَقًّا فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ قِبَلَهُ شَيْئًا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عِلْمَ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِهِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَعَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ يَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ شَاهِدُ الْمَوْرُوثَةِ بِحَقٍّ فَيَحْلِفُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَعْرِفَةَ ذَلِكَ وَتَحْقِيقَهُ فَيَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْمَعْرِفَةِ فِي الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا فِي النَّفْيِ فَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى ذَلِكَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ بَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجِبُ الْحَقُّ بِنُكُولِ الْمَطْلُوبِ عَنْ الْيَمِينِ حَتَّى يُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفَ قَالَ مَالِكٌ، وَإِذَا جَهِلَ ذَلِكَ الطَّالِبُ فَلْيَذْكُرْ لَهُ الْقَاضِي حَتَّى يَحْلِفَ الطَّالِبُ إذْ لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ بِنَفْسِ النُّكُولِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا حَقٌّ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ فَإِذَا نَكَلَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ جَازَ أَنْ تَنْتَقِلَ الْيَمِينُ إلَى الْجَنْبَةِ الْأُخْرَى كَالْقَسَامَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ رَدَّ الْمَطْلُوبُ الْيَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ، وَلَزِمَهُ رَدُّهَا رَوَاهُ عِيسَى، وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ كَانَ رَدُّهُ لِلْيَمِينِ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّ رَدَّهُ الْيَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ رِضًا بِيَمِينِهِ وَتَصْدِيقٌ لِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ فَلَمَّا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ حَقُّ الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَطْلُوبِ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلَا إبْطَالُ حَقٍّ يَثْبُتُ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَيْمَانِ الَّتِي تُرَدُّ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُرَدُّ مِثْلَ أَيْمَانِ التُّهْمَةِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ بِالْبَرَاءَةِ ثُمَّ يَظْهَرَ الْمُبْتَاعُ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ رُدَّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ دُونَ يَمِينِ الْمُبْتَاعِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا طَرِيقَةَ لَهُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَلَا يُكَلَّفُ تَفَحُّمَ الْيَمِينِ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ لَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ إلَى مَعْرِفَتِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ ضَيَاعَ الْوَدِيعَةِ وَادَّعَى الْمُودِعُ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا فَالْمُودَعُ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَيَحْلِفَ قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ، وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ هَاهُنَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ دُونَ تَحْقِيقٍ، وَلِذَلِكَ اخْتَصَّتْ بِمَنْ يُتَّهَمُ دُونَ مَنْ لَا يُتَّهَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَقَالَ لِلْحَاكِمِ اضْرِبْ لِي أَجَلًا حَتَّى أَنْظُرَ فِي يَمِينِي، وَفِي حِسَابِي، وَأَتَثَبَّتُ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّثَبُّتَ فِيمَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ أَنْ يُجَابَ إلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ الْحِسَابُ يَكْثُرُ، وَيَطُولُ أَمْرُهُ، وَيَتَسَامَحُ فِي الدَّعْوَى أَوْ الْإِنْكَارِ، وَيُتَحَرَّزُ فِي الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي عَقْدٍ كَبَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَمَّا مَنْ أَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ بِعَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا يَعْلَمُونَهُ بَاعَ، وَلَا وَهَبَ، وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>