للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ وَتَنَاكَلَا الْحَقَّ فَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ كَانَتْ لِي فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ لَك فِيهِ إلَّا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ قِيمَةُ الرَّهْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا قِيلَ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ صِفْهُ فَإِذَا وَصَفَهُ أُحْلِفَ عَلَى صِفَتِهِ ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ أُحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى ثُمَّ يُعْطَى الرَّاهِنُ مَا فَضَلَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا يَدَّعِي فِيهِ الْمُرْتَهِنُ أُحْلِفَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ قَاصُّوهُ بِمَا بَلَغَ الرَّهْنُ ثُمَّ أُحْلِفَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الْفَضْلِ الَّذِي بَقِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ مَبْلَغِ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ صَارَ مُدَّعِيًا عَلَى الرَّاهِنِ فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ عَنْهُ بَقِيَّةُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ مِمَّا ادَّعَى فَوْقَ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ)

ــ

[المنتقى]

الَّذِي قُلْت وَيَبْطُلُ عَنْك مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ يُرِيدُ أَنَّ يَمِينَهُ تُسْقِطُ عَنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إنْ نَكَلَ لَزِمَ جَمِيعُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ كَانَ أَضْعَافُ قِيمَةِ الرَّهْنِ.

وَلَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَحْلِفُ الرَّاهِنُ وَلَا يَغْرَمُ إلَّا مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ مُضَعِّفًا لِدَعْوَاهُ وَمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ الرَّهْنُ وَغَيْرُهُ فَلَمَّا حَلَفَ الرَّاهِنُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا أَقَرَّ بِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاهِنُ غَرِمَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَاضِحٌ فِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا يَحْلِفُ أَوَّلًا عَلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، وَلِذَلِكَ إذَا نَكَلَ وَلَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِنُكُولِ الرَّاهِنِ عَنْهَا وَقَدْ جَعَلَ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ حُجَّتِهِ مَا قَالَهُ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ سَلِمَ لَهُ قَالَ وَمِنْ عَيْبِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى عِشْرِينَ فَوَجَبَ لَهُ أَخْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَمِينُ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ فَنَكَلَ الْمَطْلُوبَ أَلَيْسَ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ فَيَصِيرُ يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا أَنَّ يَمِينَ الْمُرْتَهِنِ أَوَّلًا قُدِّمَتْ عَلَى مَوْضِعِهَا لِيَسْلَمَ مِنْ تَكْرِيرِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ بِهَا وَبِنُكُولِ الرَّاهِنِ بَعْدَهَا مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ اجْتَمَعَ فِيهِ يَمِينُ الْمُدَّعِي وَنُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِهِ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ تِلْكَ الْيَمِينَ فِيمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ لَيْسَتْ لِاسْتِحْقَاقِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِيُحِقَّ الْمُرْتَهِنُ بِهَا دَعْوَاهُ دُونَ أَنْ يَلْزَمَهُ أَوْ يَقْتَضِيَ مِنْهُ فَإِنَّ نُكُولَ الرَّاهِنِ عَنْ الْيَمِينِ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ يَقْتَضِي رَدَّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَهُوَ يَدَّعِي عِشْرِينَ فَحَلَفَ مَعَ الْعِشْرِينَ مَعَ شَاهِدِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْخَمْسَةِ فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ فِي الْخَمْسَةِ يَمِينًا ثَانِيَةً يَسْتَحِقُّهَا بِهَا.

(فَرْعٌ) وَإِذَا نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ أَوَّلًا ثُمَّ نَكَلَ الرَّاهِنُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: حُكْمُهُمَا إذَا نَكَلَا مِثْلُ حُكْمِهِمَا إذَا حَلَفَا لَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ إلَّا قِيمَةُ الرَّهْنِ قَالَ: وَلَا أُلْزِمُ الرَّاهِنَ إذَا نَكَلَ غُرْمَ مَا أَعَادَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ لَمْ يَلْزَمْ غُرْمُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى مُدَّعِيهَا فَلَمَّا تَقَدَّمَ نُكُولُهُ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَيَتَخَرَّجُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ مَا تَقَدَّمَ نُكُولُ الْمُدَّعِي قَبْلَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَمِينِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَلَا يَبْعُدُ هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ نُكُولِ الْمُرْتَهِنِ وَيَمِينِ الرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بَيْنَ نُكُولِ الْمُدَّعِي وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَمِينِهِ تَرْتِيبٌ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَرْتِيبٌ وَلِهَذَا تَأْثِيرٌ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، وَأَمَّا إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ بَعْدَ نُكُولِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ: إنَّ الْمُتَرَاهِنَيْنِ إذَا تَنَاكَلَا وَقَدْ ضَاعَ الرَّهْنُ، وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قِيمَةُ الرَّهْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَدَيْنِي فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقَالَ الرَّاهِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>