للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ نَفْيِ مَا يُشَكُّ فِيهِ مِنْ النَّسَبِ فَكَيْفَ بِمَا يُتَيَقَّنُ انْتِفَاؤُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا وَقَدْ بَاعَهَا ثُمَّ ادَّعَاهُ فَإِنَّهُمَا يُرَدَّانِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فِيهَا بِصَبَابَةٍ إلَيْهَا فَيُصَدَّقُ فِي الْوَلَدِ وَلَا يُصَدَّقُ فِيهَا حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ الْعَدَمِ وَالصَّبَابَةِ بِهَا، قَالَ أَصْبَغُ: لَا يُتَّهَمُ فِي غِنَاهُ سَوَاءٌ بَاعَهَا بِالْوَلَدِ أَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ لِمَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ كَلَفَهُ بِهَا تُهْمَةٌ يَمْنَعُهُ رَدَّهَا فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَصَحَّ اسْتِلْحَاقُهُ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ لِحَقِّ النَّسَبِ مَعَ تَعَرِّيه مِنْ التُّهْمَةِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ إذَا صَحَّ اسْتِلْحَاقُهُ لِلْوَلَدِ لِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ يَضْمَنُ ذَلِكَ كَوْنُ الْأُمِّ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا تُهْمَةَ مَعَ الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ عِوَضَهَا، وَلَوْ قِيلَ فِي هَذَا يَرُدُّ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الِاسْتِلْحَاقِ لِمَا بَعْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا مَا لَمْ يُعْتِقْهُمَا الْمُبْتَاعُ فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ الْبَائِعُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ الْبَائِعُ فِيهِمَا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْوَلَدِ وَحْدَهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَلَاءَ نَسَبٌ ثَابِتٌ فَلَا يُرَدُّ بِالِاسْتِلْحَاقِ كَمَا لَا يُرَدُّ نَسَبٌ ثَابِتٌ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ مُشَبَّهٌ بِهِ فَالنَّسَبُ يُبْطِلُ الْوَلَاءَ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا الْوَلَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ لَمْ يُبْطِلْ الثَّانِي الْأَوَّلَ وَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأَمَةِ فَإِنَّ عِتْقَهَا يَثْبُتُ لِلْمُبْتَاعِ وَيَرْجِعُ بِالْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُقِرٌّ لَهَا بِثَمَنِهَا فَكَانَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ وَلَا يُقْبَلَانِ عَلَى نَقْلِ الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُشْتَرِي وَلَدًا فَإِنْ ادَّعَاهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَدَ لَهُ وَقَدْ ضَعُفَتْ دَعْوَى الْبَائِعِ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ بِبَيْعِهِ إيَّاهُ فَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدَّعِهِ مَنْ هُوَ أَقْوَى دَعْوَى مِنْهُ مِمَّنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ تَكْذِيبُ دَعْوَاهُ.

(فَصْلٌ) :

وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إنَّمَا ادَّعَى هَذَا الْوَلَدَ مِنْ جِهَةِ زِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمِثْلُ هَذَا كَانَ يَلْحَقُ بِهِ لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ فِي الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ هُوَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَاهُ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي مَسْأَلَةِ وَلَدِ زَمَعَةَ قَدْ كَانَ هُنَاكَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْ الزِّنَا وَهُوَ ادِّعَاءُ الْفِرَاشِ لَهُ فَإِنَّ أَمَةَ زَمَعَةَ ادَّعَى ابْنُ زَمَعَةَ لَهَا الْفِرَاشَ وَمَعْنَاهُ وَطْءُ أَبِيهِ لَهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ تَصِيرُ عِنْدَنَا فِرَاشًا بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا أُلْحِقَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ وَمَاتَ قَبْلَ وَضْعِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا ادَّعَاهُ عُتْبَةُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ وَإِنَّمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مُجَرَّدَ دَعْوَى سَعْدِ أَخِيهِ لَهُ وَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْعَمِّ ابْنَ أَخٍ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «فَتَسَاوَقَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» يُرِيدُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَاقَ صَاحِبَهُ لِمُنَازَعَتِهِ لَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فِي دَعْوَاهُمَا فَأَدْلَى سَعْدُ بِحُجَّتِهِ فَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا ادَّعَى أَنَّهُ عَهِدَ إلَيْهِ فِيهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ عَبْدُ بْنُ زَمَعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ صِدْقُ سَعْدٍ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا أَدْلَى بِحُجَّتِهِ أَيْضًا فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَادَّعَاهُ أَخًا وَلَمْ يَدَّعِ بَيِّنَةً عَلَى اسْتِلْحَاقِ أَبِيهِ لَهُ وَإِنَّمَا احْتَجَّ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ كَمَا احْتَجَّ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، فَلَمَّا اسْتَوْعَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ فَقَالَ: هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمَعَةَ وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ زَمَعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْهُ إلَيْهِ وَلَا قَالَ: هُوَ ابْنٌ لِزَمْعَةَ وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إلَى عَبْدِ بْنِ زَمَعَةَ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَمَةِ أَبِيهِ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِهِ أَخًا لَقَضَى لَهُ بِهِ عَبْدًا وَلَكِنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ وَأُخُوَّتِهِ فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا تَدَّعِيهِ فِيمَا يَخُصُّك وَلَا يَصْلُحُ اسْتِلْحَاقُ الرَّجُلِ أَخًا قَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمَنْ اسْتَلْحَقَ أَخًا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُوَارِثْهُ وَلَا يُسْتَلْحَقُ الْأَخُ.

وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ فِيمَنْ شَهِدَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مُقِرًّا بِوَطْءِ جَارِيَةٍ فَهَلَكَ عَنْهَا أَبُوهُ وَهِيَ حَامِلٌ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>