للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ

ــ

[المنتقى]

لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ انْتِقَالٌ مِنْ الْمِلْكِ لَضَعُفَ فَلَا يَقَعُ لِلْمَرْأَةِ مِنْهُ إلَّا بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَأَمَّا الْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ فَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَرَاءَةُ بِهَا مَعَ الِانْتِقَالِ إلَى مِلْكٍ، وَلِذَلِكَ تَأْثِيرٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَتَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ فَتَأْتِي بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي فَلَا يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ، وَلَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مِلْكِ زَوْجٍ آخَرَ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَبْعَدَ مِنْهَا أُلْحِقَ بِالْأَوَّلِ.

(فَرْعٌ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ مَعَ ادِّعَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ يَمِينٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَاَلَّذِي ثَبَتَ عِنْدَنَا عَنْ مَالِكٍ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ ادِّعَائِهِ الِاسْتِبْرَاءَ بِثَلَاثِ حِيَضٍ.

وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ الْيَمِينِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ إذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ، وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مَعْنًى يُثْبِتُ لِلسَّيِّدِ حُكْمَ الِانْتِفَاءِ مِنْ الْوَلَدِ فَلَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ إثْبَاتُهُ بِالْيَمِينِ، وَكَانَ قَوْلُهُ فِيهِ مَقْبُولًا لِنَفْيِ الْوَاطِئِ أَوَّلًا، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْوَطْءِ مَعْنًى يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدَ فَلَمْ يُنْفَ عَنْهُ إلَّا بِيَمِينٍ فِي الزَّوْجِيَّةِ فِي الْأَحْرَارِ لَمَّا كَانَ عَقْدُ النِّكَاحِ يُلْحِقُ الْوَلَدَ بِالزَّوْجِ لَمْ يَنْفِهِ إلَّا بِيَمِينٍ وَهُوَ اللِّعَانُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا بِكَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ وَلَكِنْ بِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ قَدْ وَطِئَهَا وَهُوَ مَعْنَى إلْمَامِهِ بِهَا فَإِذَا اعْتَرَفَ السَّيِّدُ بِوَطْءِ الْأَمَةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ اعْتِرَافِهِ صَارَتْ الْأَمَةُ فِرَاشًا وَلَزِمَهُ كُلُّ وَلَدٍ أَتَتْ بِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَدْ اُسْتُبْرِئَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ بِالْوَطْءِ، أَوْ بِالْوَلَدِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْوَاحِدُ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا، أَوْ سِقْطًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَيْمَانَ فِي نَفْيِ النَّسَبِ لَا تَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَكَذَلِكَ كُلُّ يَمِينٍ يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ فِي جِنْسَيْنِ فَلَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ شَهِدَ إقْرَارَهُ بِالْوَطْءِ شَاهِدٌ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ، وَفِي غَيْرِهِ إذَا قَامَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَشَهَادَةُ امْرَأَةٍ بِالْوِلَادَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَقَدْ قِيلَ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ قَالَ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْيَمِينُ إذَا شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ بِالْوِلَادَةِ وَشَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ، أَوْ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ وَشَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يَقْتَضِي نَفْيَ الِاسْتِرْقَاقِ فَإِذَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ لَزِمَتْ السَّيِّدَ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِهِ كَالْعِتْقِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَاهُنَا فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِقْرَارُ بِالْوَطْءِ، وَالثَّانِي الْوِلَادَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَحَدُهُمَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَى الْآخَرَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ النَّسَبُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْيَمِينُ لِضَعْفِ الْبَيِّنَتَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ لَمْ يُنْكِرْ الْوَطْءَ وَلَكِنَّهُ أَنْكَرَ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَجَدْت مَعَهَا رَجُلًا وَصَدَّقَتْهُ، أَوْ ثَبَتَ الزِّنَا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلَا يَنْفِي الْوَلَدَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا حَتَّى يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ وَطْءَ الزِّنَا لَا يَلْحَقُ بِهِ نَسَبٌ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمُ الْوَطْءِ وَكَانَ الْوَطْءُ الَّذِي يَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ وَهُوَ وَطْءُ السَّيِّدِ أَوْلَى بِالْوَلَدِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إلَّا أَلْحَقْت بِهِ وَلَدَهَا يُرِيدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَلْحَقْتُ بِالسَّيِّدِ الْمُقِرِّ بِالْوَطْءِ وَمَعْنَى ذَلِكَ إنْ أَتَتْ بِهِ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ إلَى وَقْتِ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَةٍ لَزِمَهُ مَا أَتَتْ بِهِ، وَلَوْ إلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً لَمْ يَمَسَّ بَعْدَهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ اسْتِبْرَاءَ السَّيِّدِ مَنَعَ إلْحَاقَ النَّسَبِ بِهِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ بَعْدَهُ إلَّا وَلَدٌ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَاعْتَزِلُوا بَعْدُ أَوْ اُتْرُكُوا، إعْلَامًا لَهُمْ بِأَنَّ مَا يَأْتُونَ بِهِ بَعْدُ مِنْ الْعَزْلِ لَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَا يَنْتَفِي بِذَلِكَ وَلَدٌ عَنْهُمْ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ التَّخْيِيرَ لَهُمْ بَيْنَ الْفِعْلِ، أَوْ التَّرْكِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إلَّا قَدْ أَلْحَقْت بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>