للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَرْجِعُ فِي السَّجْدَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي أَشْتَكِي)

ــ

[المنتقى]

الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَنْصِبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَثْنِيَ الْيُسْرَى وَيُخْرِجَهُمَا جَمِيعًا مِنْ جِهَةِ وَرِكِهِ الْأَيْمَنِ وَيُفْضِيَ بِأَلْيَتِهِ إلَى الْأَرْضِ وَيَجْعَلَ بَاطِنَ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى إلَى الْأَرْضِ وَلَا يَجْعَلَ جَنْبَهَا وَلَا ظَاهِرَهَا إلَى الْأَرْضِ هَذِهِ صِفَةُ الْجُلُوسِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْجِلْسَتَيْنِ وَفِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجْلِسُ فِي الْجِلْسَةِ الْأُولَى عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيَجْلِسُ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ مُتَوَرِّكًا يُخْرِجُ رِجْلَيْهِ مِنْ جِهَةِ وَرِكِهِ الْيُمْنَى وَيُفْضِي بِأَلْيَتِهِ إلَى الْأَرْضِ وَيُضْجِعُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجْلِسُ فِي الْجِلْسَتَيْنِ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ الْحَدِيثُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا مِنْ الْأَصْلِ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إنَّمَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا فِعْلٌ يَتَكَرَّرُ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَكَرَّرَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْقِيَامِ وَالسُّجُودِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَرْجِعُ فِي السَّجْدَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي أَشْتَكِي) .

(ش) : مَعْنَى رُجُوعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ فِي السَّجْدَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَانَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ سَجْدَتَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إلَى أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَرُجُوعُهُ مِنْ الْأُولَى إلَى الْقُعُودِ عَلَى رِجْلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيعُ عَلَى التَّوَرُّكِ فَكَانَ يَفْعَلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَقْرَبِ مَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ هَيْئَاتِ الْجُلُوسِ مِمَّا كَانَ أَيْسَرَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ إلَى السُّجُودِ وَهَذِهِ الْهَيْئَةُ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ مِنْهَا إلَى السُّجُودِ فَأَمَّا هَيْئَتُهُ فِي الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى السُّجُودِ وَأَمَّا رُجُوعُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ إلَى قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ فَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ إلَى جُلُوسٍ عَادَ إلَى تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ تَرَبَّعَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إلَى قِيَامٍ رَجَعَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ إلَى الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَلْيَتَاهُ تَكَادُ أَنْ تَمَسَّ الْأَرْضَ ثُمَّ يَنْهَضُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إلَى الْقِيَامِ وَهُوَ الْإِقْعَاءُ الَّذِي كَرِهَهُ مَالِكٌ وَنَفَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهُ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَفْعَلُهُ لِأَجْلِ شَكْوَاهُ.

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَقْعُدُ عَلَى قَدَمَيْهِ يَسِيرًا ثُمَّ يَنْهَضُ إلَى الْقِيَامِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ وَلَا يُسَمِّيهِ إقْعَاءً وَإِنَّمَا الْإِقْعَاءُ عِنْدَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى عَقِبَيْهِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِمَا.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إنَّ الْإِقْعَاءَ هُوَ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ عَلَى أَلْيَتِهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ مِثْلَ إقْعَاءِ الْكَلْبِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا جُلُوسٌ لَمْ يُسَنَّ فِيهِ ذِكْرٌ وَلَيْسَ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ مُشْتَبِهِينَ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ كَالْجُلُوسِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ مَنْ انْصَرَفَ عَلَى ظُهُورِ قَدَمَيْهِ لَمْ يَعُدْ.

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذِكْرَ الْمُغِيرَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ذَلِكَ لَمَّا رَأَى مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ هَلْ فَعَلَ ذَلِكَ لِسُنَّةٍ عَلِمَهَا أَوْ لِتَمْيِيزٍ بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ أَوْ لِعُذْرٍ اضْطَرَّهُ إلَى ذَلِكَ فَأَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْعُذْرَ الشَّكْوَى الَّتِي بِهِ لَا أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلَاة إذَا جَلَسَ قَالَ فَفَعَلْته وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ فَنَهَانِي عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ إنَّمَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَك الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ رِجْلَك الْيُسْرَى فَقُلْت لَهُ فَإِنَّك تَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّ رِجْلَيَّ لَا تَحْمِلَانِي) .

ش قَوْلُهُ فَفَعَلْته وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَخْبَرَ أَنَّ مَا فَعَلَ مِنْ التَّرَبُّعِ فِي جُلُوسِ الصَّلَاةِ إذْ رَأَى أَبَاهُ يَفْعَلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ عُذْرَهُ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ مِمَّنْ رَسَخَ فِي الْعِلْمِ حَتَّى نَهَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ بِسُنَّةِ الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>