للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

أَمْرُهُ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَحِقَ نَفْسَهُ كَالصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَوْلَى عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَمَالَةُ، وَأَمَّا الْبِكْرُ الَّتِي لَمْ تَعْنَسْ فَهِيَ كَالصَّغِيرِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّتِي عَنَسَتْ وَأُونِسَ رُشْدُهَا فِي بَيْتِ وَالِدِهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ حَمَالَتُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجَدْته فِي كِتَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ لَا تَجُوزُ هِبَتُهَا، وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهَا؛ لِأَنَّ بُضْعَهَا بِيَدِ أَبِيهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُسْقِطْ التَّعْنِيسُ وِلَايَةَ الْأَبِ فِي الْبُضْعِ لَمْ يُسْقِطْ فِي الْمَالِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوِلَايَةَ فِي الْبُضْعِ لَا تَزُولُ بِالرُّشْدِ وَالْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ تَزُولُ بِالرُّشْدِ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِحِفْظِ الْمَالِ فَإِذَا حَفِظَ الْمَالَ بِالرُّشْدِ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمَالِ وَبَقِيَتْ وِلَايَةُ الْبُضْعِ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِحِفْظِ الْبُضْعِ مِمَّا يَغِيبُ فَمَعْنَاهَا بَاقِيَةٌ مَا بَقِيَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ وَالْمُسْتَغْرَقِ فِي الدَّيْنِ وَالْمَرِيضِ وَالْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ فَإِنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ حَمَالَتُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تَجُوزُ حَمَالَةُ الْعَبْدِ، وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْعَبْدِ وَجْهَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ مَعْنًى يُدْخِلُ فِي ذِمَّتِهِ نَقْصًا وَعَيْبًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ كَالْمُدَايَنَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ وَجْهٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَهِبَةِ مَالِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَتَجُوزُ حَمَالَةُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ إلَّا أَنْ يَسْتَغْرِقَهُ الدَّيْنُ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ جَازَتْ لَهُ حَمَالَتُهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَفْتَرِقُ مَالُهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَلَا تَصِحُّ حَمَالَتُهُ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي الْحَمَالَةِ جَازَتْ حَمَالَتُهُمْ.

وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ مَعْرُوفُ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ إلَى رَقِّهِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا لِسَيِّدِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الرِّقِّ فَجَازَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَصْلُ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْقِنُّ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرِقَّ نَفْسَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْ كُلِّ مَا يَكُونُ سَبَبًا لَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ لِلسَّيِّدِ إكْرَاهُ الْعَبْدِ عَلَى الْحَمَالَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي النَّوَادِرِ لَهُ ذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ إدْخَالُ نَقْصٍ فِي ذِمَّةِ عَبْدِهِ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى ذِمَّتِهِ فَكَانَ لَهُ شَغْلُ ذِمَّتِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمُسْتَغْرَقُ فِي الدَّيْنِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ حَمَالَةُ مَنْ أَحَاطَ بِهِ الدَّيْنُ كَصَدَقَتِهِ وَتُفْسَخُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ رَدُّ عِتْقِهِ كَانَ لَهُمْ رَدُّ كَفَالَتِهِ وَهِبَتِهِ كَالْمَضْرُوبِ عَلَى يَدَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ كَفَالَةُ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِهِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إنْ كَانَ الْمَحْمُولُ بِهِ مَلِيًّا لَزِمَتْهُ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا بَطَلَتْ وَلَمْ يَكُنْ فِي الثُّلُثِ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةَ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ يَفْعَلُهُ الْمَرِيضُ فَكَانَ فِي ثُلُثِهِ كَهِبَتِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا احْتَجَّ بِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا كَفَالَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ مَالِهَا فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ فِي كَفَالَتِهَا فَلِلزَّوْجِ إبْطَالُ جَمِيعِهَا إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ الدِّينَارُ وَالشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَيُمْضِي الثُّلُثَ وَالزِّيَادَةَ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إذَا حَازَتْ الْمَرْأَةُ الثُّلُثَ لَمْ يَبْطُلْ كَالْمَرِيضِ يُوصِي بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا تَكَفَّلَتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجِهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ عَطِيَّةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا جَمِيعَ مَالِهَا جَائِزٌ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهَا عَنْهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ كَفَالَتَهَا عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَرِضَاهُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَبْطُلُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِثُلُثِ مَالِهَا فَأَدْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>