للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْغَرِيمِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْحَمِيلَ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْحَمَالَةِ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ الْغَرِيمُ قَبْلَ الْحَمَالَةِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ عَلَى إقْرَارِهِ شَاهِدَا عَدْلٍ فَإِنَّ الَّذِي يُرِيدُ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ أَنَّهُ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْحَمِيلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَمَنْ قَامَ عَلَى مُنْكَرٍ بِدَيْنٍ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إنْ لَمْ آتِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ عَلَيَّ، وَقَدْ سَمَّاهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ الطَّالِبُ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ الْحَمَالَةِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الْحَمِيلَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَتَكَفَّلَ بِهِ رَجُلٌ فَقَدِمَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ، أَوْ أَقَرَّ لَمْ يَلْزَمُ الْحَمِيلَ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَصْلِ الدَّيْنِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِ الْغَرِيمِ قَبْلَ الْحَمَالَةِ قَالَهُ كُلَّهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَنَحْوُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَنْكَرَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ وَأَقَرَّ بِهِ الْحَمِيلُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يَغْرَمُ الْحَمِيلُ ثُمَّ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ، وَرَوَاهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمِيلِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَرْجِعْ الْغَرِيمُ بِمَا أَدَّاهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْحُمَلَاءُ جَمَاعَةً تَكَفَّلُوا لَهُ بِمَالٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُطْلَقَ لَفْظُ الْكَفَالَةِ، أَوْ يَقُولَ: وَبَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ، أَوْ لَهُ أَخْذُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَإِنْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْكَفَالَةِ فَأَعْسَرَ الْغَرِيمُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ وَجَدَ مِنْ الْكُفَلَاءِ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَ الْمَالِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إذَا تَكَفَّلُوا بِمِائَةٍ فَإِنَّمَا تَكَفَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِثُلُثِ الْمِائَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَاهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ وَبَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهُمْ بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَإِنْ كَانُوا مُوسِرِينَ فَإِنْ أَعْسَرَ بَعْضُهُمْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ الْمُوسِرِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ حُمَلَاءَ عَنْ بَعْضٍ كَانَ لَهُمْ حُكْمُ الْحَمَالَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ إلَّا بِمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ عَنْ الْغَرِيمِ إلَى الْحَمِيلِ مِنْ الْإِعْسَارِ، أَوْ الْغَيْبَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ غَابَ الْحُمَلَاءُ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَغَرِمَ الْحَاضِرُ الْمَالَ ثُمَّ قَدِمَ الْحَمِيلَانِ وَالْغَرِيمُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْحَاضِرِ الَّذِي غَرِمَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بِخِلَافِ طَالِبِ الْحَقِّ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْحَمِيلِ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا حَاضِرًا، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَمِيلَ إنَّمَا أَخَذَ وَثِيقَةً مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ فَلَا يُطْلَبُ مَعَ تَمَكُّنِ الِاقْتِضَاءِ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْحَمِيلِ الَّذِي غَرِمَ فِي غَيْبَةِ الْحُمَلَاءِ وَالْغَرِيمِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَإِنَّمَا غَرِمَ عَنْ الْحَمِيلِ كَمَا غَرِمَ عَنْ الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ صَاحِبُهُ فِي الْحَمَالَةِ لَزِمَهُ الْغُرْمُ مَعَهُ فَلَمَّا كَانَ أَدَّاهُ عَنْهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ دُونَ اعْتِبَارِ حَالِ الْغَرِيمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ أَخْذَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِحَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ شُرَكَاؤُهُ فِي الْحَمَالَةِ حُضُورًا مُوسِرِينَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شَرَطَ ذَلِكَ وَإِذَا أَخَذَ أَحَدُهُمْ بِجَمِيعِ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَدَّاهُ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ قَدْ شَرَطَ فِي الْحَمَالَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَلِّقَ حَقَّهُ بِذِمَّةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فَإِذَا عَيَّنَ حَقَّهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ أَصْحَابِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ مِمَّا أَدَّاهُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَأَشْهَبَ أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَلَيْسَ لَهُ اتِّبَاعُ أَحَدِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ إلَّا فِي عَدَمِ أَصْحَابِهِ، أَوْ غَيْبَتِهِمْ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ شَرَطَ مَعَ شَرْطِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ حَقِّهِ أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ فَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْ أَحَدِهِمْ كَانَ لِمَنْ أَدَّى الْحَقَّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ شَرَطُوا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ حَقَّهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ فَعَلَى وَجْهِ أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>