للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

شُيُوخُنَا وَقَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْعَطَّارِ، وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِيهِ فِي كِتَابِ السِّرَاجِ فَأَمَّا الصَّغِيرُ فَإِنَّ حَدَّ الصِّغَرِ يُذْكَرُ فِي الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي الصَّغِيرِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] فَجَعَلَ تَعَالَى إينَاسَ الرُّشْدِ شَرْطًا فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الصَّغِيرَ إنَّمَا يُخَافُ عَلَيْهِ إفْسَادُ الْمَالِ وَتَأْثِيرُ الرُّشْدِ فِي حِفْظِ الْمَالِ أَكْثَرُ مِنْ تَأْثِيرِ الْبُلُوغِ فَإِذَا رَوْعِي الْبُلُوغُ فَبِأَنْ يُرَاعَى الرُّشْدُ أَوْلَى وَأَحْرَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الصَّغِيرِ فِي الْحَجْرِ مَا لَمْ تُعَنِّسْ فَإِنْ عَنَّسَتْ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبِكْرِ يَحُوزُ لَهَا أَبُوهَا، وَإِنْ عَنَّسَتْ وَقَالَ أَيْضًا: إلَّا أَنْ تَكُونَ عَنَّسَتْ وَرَضِيَتْ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا بِكْرٌ ذَاتُ أَبٍ فَلَزِمَهَا حَجْرُهُ كَاَلَّتِي لَمْ تُعَنِّسْ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا بَالِغَةٌ رَشِيدَةٌ خَبِيرَةٌ بِمَصَالِحِهَا فَزَالَ عَنْهَا الْحَجْرُ كَالثَّيِّبِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَحُوزُ لَهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ التَّعْنِيسَ الْكَثِيرَ فَإِذَا بَلَغَتْ الْخَمْسِينَ وَالسِّتِّينَ فَهَذِهِ تَحُوزُ لِنَفْسِهَا وَلَا شَيْءَ لَهَا إلَّا أَنْ تَحُوزَ لِنَفْسِهَا وَهِيَ كَاَلَّتِي تَلِي مَالَهَا وَلَا يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا إلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا لَمْ أَفْسَخْهُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ حِيَازَتُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ رَضِيَ حَالَهَا وَجَاوَزَتْ الثَّلَاثِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا لَمْ تُعَنِّسْ جِدًّا فَتَبْلُغُ السِّتِّينَ وَنَحْوَهَا فَهَذِهِ إنْ لَمْ تَحُزْ لِنَفْسِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى التَّعْنِيسِ الْكَثِيرُ وَهُوَ بُلُوغُ الْخَمْسِينَ وَالسِّتِّينَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي التَّعْنِيسِ الْأَوَّلِ بِسِنِّ الثَّلَاثِينَ وَبِمَا زَادَ عَلَيْهَا الزِّيَادَةَ الْقَرِيبَةَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ تَبْرُزْ بَعْدُ الْبُرُوزَ التَّامَّ.

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا عَنَّسَتْ فِي بَيْتِ وَالِدِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ هِبَتَهَا وَلَا عِتْقَهَا وَلَمْ يُحَدَّ.

وَقَالَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: الَّتِي بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً إذَا رَضِيَ حَالَهَا جَازَ فِعْلُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي الَّتِي لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ وَلَا وَلِيَّ مِنْ السُّلْطَان فَلَمْ يَسْلَمْ مِنْ الِاخْتِلَافِ بِالتَّحْدِيدِ إلَّا الَّتِي بَلَغَتْ السِّتِّينَ؛ لِأَنَّهَا نِهَايَةُ التَّعْنِيسِ وَابْتِدَاءُ الشَّيْخُوخَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا السَّفِيهُ فَهُوَ الَّذِي لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِحِفْظِ مَالِهِ، وَوَجْهُ إصْلَاحِهِ وَهَلْ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِسْقٌ فِي دِينِهِ أَمْ لَا قَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْظَرُ إلَى سَفَهِهِ فِي دِينِهِ إذَا كَانَ لَا يُخْدَعُ فِي مَالِهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمُولَى عَلَيْهِ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يُحْكَمَ بِهِ بِالرُّشْدِ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ، وَهَذَا عِنْدَنَا فِي إزَالَةِ الْحَجْرِ عَنْهُ وَأَمَّا فِي رَدِّهِ إلَى الْحَجْرِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ فِسْقُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الصَّلَاحَ فِي الدِّينِ مَعْنًى لَا يُرَاعَى فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُرَاعَ فِي حِفْظِهِ كَحِفْظِ الْقُرْآنِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الصَّلَاحَ فِي الدِّينِ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ وَبِهِ يُعْلَمُ إصْلَاحُهُ لِلْمَالِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا حَالُهَا فِي الْحِيَازَةِ حَالُ الْحُرَّةِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْن الْعَطَّارِ: وَيَحُوزُ السَّيِّدُ لِأُمِّ وَلَدِهِ مَا حَبَسَهُ عَلَيْهَا لِمَا فِي كِتَابِ الْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرَّجُلَ يَحُوزُ عَطِيَّتَهُ لِمَنْ يَلِي أَمْرَهُ وَيَجُوزُ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ يُرِيدُ أَنَّ قَضَاءَ السَّيِّدِ يَجُوزُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فِي مَالِهَا فَكَانَتْ مِمَّنْ يَحُوزُ عَلَيْهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ قَالَ مَالِي يَعْنِي لَمْ أُعْطِ أَحَدًا يُرِيدُ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ وَرَثَةَ الِابْنِ، وَإِنْ مَاتَ هُوَ قَالَ هُوَ لِابْنِي قَدْ كُنْت أَعْطَيْته إيَّاهُ فَوَعَظَ عُمَرُ وَنَهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِفَاعِلِهِ وَأَنَّهُ إذَا أَعْطَى ابْنَهُ عَطِيَّةً ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَا وَيَقُولُ هَذَا مَالِي وَرُبَّمَا حَجَرَ الْإِعْطَاءَ وَأَخْفَى وَثِيقَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>