للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

عَلَى الْمُفْتَرِقِينَ وَجَعَلَ ذَلِكَ مُشَاعًا كَانَ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لِأَصْحَابِهِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إذَا قَالَ: غُلَامِي يَخْدُمُ فُلَانًا يَوْمًا وَفُلَانًا يَوْمًا فَهَذِهِ قِسْمَةٌ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى أَصْحَابِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ مُرَاعَاةُ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ سَحْنُونٍ يَقْتَضِي مُرَاعَاةَ قِسْمَةِ الْمُعْطِي ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فِي نَفْسِ الْعَطِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْعَطِيَّةُ مِمَّا يَنْقَسِمُ كَالْعَبِيدِ الْمُخَارِجِينَ، وَالْغَلَّةُ تَنْقَسِمُ وَالدَّارُ تُكْرَى وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَرِوَايَتُهُمْ عَنْ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْمُعْطَى عِنْدَ الْعَطِيَّةِ فَهَذَا حُكْمُهُ إذَا بُيِّنَ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا أُبْهِمَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ عَلَى الْإِشَاعَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ الْإِبْهَامِ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ وَالْإِشَاعَةَ فَحُمِلَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْيِين وَمَعْنَاهُ أَنْ يُعَيِّنَ الْحُظُوظَ فَيُسَمِّيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَوْمًا مُعَيَّنًا أَوْ نَصِيبًا مُسَمًّى، أَوْ سُكْنَى مَعْرُوفَةً فَإِنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ يَرْجِعُ إلَى صَاحِبِ الْمَرْجِعِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَعْيِينَهُ وَتَعْيِينَ نَصِيبِهِ يَقْتَضِي مَنْعَ الِاشْتِرَاكِ وَيَجْعَلُ حُكْمَ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ يَخْتَصُّ بِهِ فَإِذَا تُوُفِّيَ اسْتَحَقَّ مَا كَانَ لَهُ صَاحِبُ الْمَرْجِعِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ التَّحْبِيسُ، أَوْ التَّعْمِيرُ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ مِثْلِ أَنْ يَقُولَ: عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ، أَوْ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ فَهَذَا إنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ أَخَذَ جَمِيعَ الْغَلَّةِ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِي صِفَةِ التَّحْبِيسِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى امْرَأَتَيْنِ وَعَقِبِهِمَا فَهَاهُنَا يَرْجِعُ نَصِيبُ الْمَيِّتَةِ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِ الْمَرْجِعِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ مَنْ حَبَسَ حَبْسًا عَلَى رَجُلَيْنِ حَيَاتِهِمَا ثُمَّ لِرَجُلٍ بَعْدَهُمَا فِي وَجْهٍ آخَرَ فَمَاتَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ رَجَعَ نَصِيبُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَقَدْ قِيلَ يَرْجِعُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَإِذَا كَانَ الْحَبْسُ حَائِطًا فَمَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْإِبَارِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، أَوْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ، أَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِبَارِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِبَارِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ وَهِيَ لِمَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْإِبَارِ وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: هِيَ لِوَرَثَتِهِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِبَارِ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِبَارِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَفِي الْمُعْمِرِ يَمُوتُ وَفِي الْحَائِطِ ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَتْ، أَنَّهَا لِوَرَثَتِهِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَرَةِ مَعَ بَقَاءِ الرُّقْبَةِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بُدُوُّ، الصَّلَاحِ، كَالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ الْحَبْسِ ذَلِكَ الْوَقْتِ جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِأَكْلِهَا رُطَبًا؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ مَقْصُودٌ فَلَوْلَا اسْتِحْقَاقُهُ لِلثَّمَرَةِ لَمُنِعَ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهَا عَطِيَّةٌ فَوَجَبَتْ بِالْإِبَارِ، كَالصَّدَقَةِ الْمُبَتَّلَةِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَسْتَحِقُّ فِيهَا بِالْإِبَارِ فَكَذَلِكَ هَذَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الثَّمَرَةِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ حُبِسَ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُقَسَّمُ عَلَى مَنْ كَانَ حَيًّا، أَوْ مَوْلُودًا يَوْمَ تُقَسَّمُ الثَّمَرَةَ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى قَبِيلَةٍ أَنَّهُ إنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا حَقَّ لَهُ، وَمَنْ وُلِدَ قَبْلَ الْقَسْمِ، قُسِمَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ حَبَسَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مُسَمَّيْنَ بِأَسْمَائِهِمْ مِمَّنْ أَدْرَكَ طِيبَ الثَّمَرَةِ فَحَقُّهُ فِيهَا ثَابِتٌ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْغَلَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالْأَحْبَاسُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ كَالسُّكْنَى.

(فَرْقٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الصَّدَقَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>