للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا مَا يُوجِبُ النَّقْلَ عَمَّا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَإِذَا أَخْرَجَ الثُّلُثَ صَاحِبُ الْوَصِيَّةِ عَلَى وَجْهِهِ فَلَا تَخْيِيرَ بِالْقَطْعِ بِالثُّلُثِ لِمَنْ أَبَاهُ مِنْ الْوَرَثَةِ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَنَانِيرُ وَعُرُوضٌ فَأَوْصَى لَهُ بِدَنَانِيرَ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِيمَنْ أَوْصَى بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يُخَلِّفْ عَيْنًا غَيْرَهَا وَلَهُ عُرُوضٌ وَسَرَارِي وَرَقِيقٌ وَدَوَابُّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ حَاضِرَةً تُدْفَعُ إلَيْهِ الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرُ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ مِنْ الْعَيْنِ إلَّا خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لَأَخَذَهَا وَبِيعَ لَهُ بِخَمْسَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَرَكَ مِنْ الْعَيْنِ مَا يُخْرِجُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ، أَوْ الْقَطْعِ بِالثُّلُثِ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إذَا اسْتَأْثَرَ عَلَيْهِمْ بِالْعَيْنِ وَأَبْقَى الْعُرُوضَ وَالدَّيْنَ فَلَهُمْ الْخِيَارُ فِي خَلْعِ الثُّلُثِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَرْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ بِالْعَيْنِ تُنَفَّذُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لِلْعَيْنِ مَزِيَّةً بِحُضُورِ مَنْفَعَةٍ، أَوْ عُمُومِهَا فِيهِ يَصِلُ إلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ سَاعَتِهِ وَسَائِرُ الْعُرُوضِ مَنْفَعَتُهَا خَاصَّةٌ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَنْفَعَتِهَا إلَى مَنْفَعَةٍ أُخْرَى لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَتَيَسُّرِهِ بِالْعَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي الِاسْتِبْدَادُ بِالْعَيْنِ وَكَانَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَلَمَّا كَانَ لِلْعَيْنِ هَذَا الْحُكْمُ الْمُفْرَدُ صَارَ لَهُ حُكْمُ التَّرِكَةِ الْمُفْرَدَةِ فُرُوعِي ثُلُثُهُ وَفِيهِ مَعْنًى آخَرُ أَنَّهُ إذَا أَبَى الْوَرَثَةُ مِنْ الْإِجَازَةِ تَنَقَّلَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى ثُلُثِ التَّرِكَةِ.

وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدَارٍ وَلِآخَرَ بِعَبْدٍ وَلِآخَرَ بِحَائِطٍ فَكَانَ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا تُخْرِجُ لَهُ الْمُحَاصَّةُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي سُمِّيَتْ لَهُ فَلَوْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ آخَرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ لَقَطَعَ لَهُمْ بِالثُّلُثِ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ دُونَ مَا سُمِّيَ لَهُمْ قَالَ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا قَدْ عَالَتْ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِ ذَلِكَ، أَوْ بَعْضِهِ لِسَبَبِ الْعِتْقِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهَذَا عِنْدِي يَقْتَضِي أَنَّهَا تَرِكَةٌ لَا عَيْنَ فِيهَا فَلَمَّا اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِ شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ أَجْلِ الْوَصِيَّةِ بِالْعَيْنِ وَقَعَتْ الْمُحَاصَّةُ بَيْنَ صَاحِبِ الْعَيْنِ وَأَصْحَابِ الْأَعْيَانِ وَنُقِلَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى ثُلُثِ التَّرِكَةِ لَمَّا اُجْتُمِعَ فِيهَا عَيْنٌ، أَوْ أَعْيَانٌ وَهِيَ كُلُّهَا عُرُوضٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ حَاضِرَةً فَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً، أَوْ دَيْنًا فَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَشْهَبَ فِيمَنْ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ لِزَيْدٍ وَبِهَذَا الْفَرَسِ بِعَيْنِهِ لِعَمْرٍو وَهُمَا حَاضِرَانِ فَإِنْ خَرَجَا مِنْ ثُلُثِ مَا حَضَرَ مَضَى ذَلِكَ وَإِلَّا نَفَذَ مِنْهُمَا مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَاضِرِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْحَاضِرِ ثَلَاثَمِائَةٍ الْفَرَسُ مِائَةٌ وَالْعَبْدُ مِائَةٌ أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ وَخُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُمَا النِّصْفَ الثَّانِيَ، أَوْ يُعْطُوهُمَا ثُلُثَ الْمَالِ الْغَائِبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَدْ قِيلَ هَذَا وَنَحْنُ نَسْتَحْسِنُ إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُعْطَى الْمُوصَى لَهُمَا فِيمَا حَضَرَ وَغَابَ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا تُنْقَلُ الْوَصِيَّةُ إلَى الثُّلُثِ مَعَ احْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهَا وَإِنْ نَقَلَتْ غَيْبَةُ الْمَالِ اسْتِيعَابَ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا، وَإِنَّمَا يُنْقَلُ إلَى اسْتِيعَابِ الْوَصِيَّةِ فِيهَا أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثُلُثِ التَّرِكَةِ كُلِّهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ كُلَّ مَا مَنَعَ اسْتِيعَابَ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا نَقَلَ إلَى الثُّلُثِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ.

وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا مَالًا غَائِبًا، أَوْ دُيُونًا فَأَرَادَ الْمُوصَى لَهُ أَنْ يُعَجِّلُوهَا لَهُ، وَقَالَ الْوَرَثَةُ نَتَقَاضَى وَنُعْطِيك فَلْيُخَيَّرْ الْوَرَثَةُ فَإِمَّا عَجَّلُوا لَهُ الْعَشَرَةَ، أَوْ يَقْطَعُوا لَهُ بِالثُّلُثِ فَيَتَقَاضَى لِنَفْسِهِ وَيَنْتَظِرُ مَا غَابَ فَجَعَلَ تَغَيُّبَ الْمَالِ وَالدَّيْنِ يَنْقُلُ إلَى الثُّلُثِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ وَمُطَرِّفٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعِشْرِينَ وَمِائَةِ دِينَارٍ وَلَيْسَ فِي تَرِكَتِهِ حَاضِرٌ إلَّا مِائَةُ دِينَارٍ وَسَائِرُهُ غَائِبٌ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْا الْمِائَةَ الْحَاضِرَةَ وَأَتَمُّوا لَهُ مِنْ الْمَالِ الْغَائِبِ وَصِيَّتَهُ وَإِلَّا أَعْطَوْا لَهُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ حَاضِرَهَا وَغَائِبَهَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>