للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

أَعْطَوْهُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا قَدْرَ لَهُ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ الْوَصِيَّةِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَوَّازِ: لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِمَّا انْقَسَمَتْ فَرِيضَتُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَدِ السِّهَامِ كَثُرَ ذَلِكَ الْجُزْءُ، أَوْ قَلَّ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُعْطَى الثُّمُنَ، وَهَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ: اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ الثُّمُنُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ سَهْمٍ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْفَرَائِضِ وَقِيلَ يُعْطَى سَهْمًا مِمَّا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ قَلَّتْ السِّهَامُ أَوْ كَثُرَتْ وَقِيلَ يُعْطَى سَهْمًا مِنْ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ إنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ مِنْ سِتَّةٍ فَأَقَلُّ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الثُّلُثَ فَيَرُدُّ إلَى الثُّلُثِ إذَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ انْقَسَمَتْ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةٍ فَلَا يَنْقُصُ مِنْ السُّدُسِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ مَا تَقُومُ مِنْهُ الْفَرَائِضُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَحَبُّ ذَلِكَ إلَيَّ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ لَهُ سَهْمًا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِ فَرِيضَتُهُ قَلَّتْ السِّهَامُ أَوْ كَثُرَتْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُعْطَى السُّدُسَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُدْفَعُ إلَيْهِ مِثْلُ أَقَلِّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى السُّدُسِ فَيُعْطَى السُّدُسَ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يُعْطَى مِثْلَ السَّهْمِ الَّذِي تَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ فَكَانَ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ وَهِيَ تَعُولُ إلَى عَشْرَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ سَهْمٌ مِنْ عَشَرَةٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَقَلُّ سِهَامِ تِلْكَ الْفَرِيضَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ أَوْقِدُوا فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مِصْبَاحَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحَاصُّ الْمَسْجِدُ بِالثُّلُثِ وَبِالْوَصَايَا بِمَا سُمِّيَ لَهَا فَمَا صَارَ لِلْمَسْجِدِ وَقْفٌ لِمِصْبَاحِهِ حَتَّى يَفْنَى قَالَ سَحْنُونٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ غَيْرُ مُؤَجَّلٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اسْقُوا الْمَاءَ وَاعْطُوَا الْمَسَاكِينَ دِرْهَمًا كُلَّ يَوْمٍ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لَمَّا لَمْ يُوَقِّتْ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا أَوْصَى بِمَجْهُولَاتٍ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُضْرَبُ فِيهَا كُلُّهَا بِالثُّلُثِ مَعَ سَائِرِ الْوَصَايَا وَكَأَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ مَجْهُولَةٌ فَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْفَقُوا عَلَى الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُعَيَّنْ وَقِيدًا وَلَا كِسْوَةً وَلَا بُنْيَانًا لَضَرَبَ لَهُ بِالثُّلُثِ وَجَازَ صَرْفُهُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُلَانٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أُعْطِيَ فُلَانٌ عَلَى قَدْرِ الِاجْتِهَادِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَالِهِ وَلَا يُعْطَى النِّصْفُ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ فِيمَنْ قَالَ: ثُلُثِي لِفُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ فَفُلَانٌ كَرَجُلٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ يَأْخُذُ كَأَحَدِهِمْ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الَّذِي أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لِفُلَانٍ الثُّلُثُ وَلِلْفُقَرَاءِ الثُّلُثُ وَلِلْمَسَاكِينِ الثُّلُثُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَوْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ وَالثُّلُثُ لِلْمَسَاكِينِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا جَعَلَ فِي وَصِيَّتِهِ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُمْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ: ثُلُثِي لِقَرَابَتِي وَلِلْمَسَاكِينِ يُعْطَى قَرَابَتُهُ نِصْفَهُ وَلَا يُعْطَى أَغْنِيَاؤُهُمْ وَلِيَكُنْ بَيْنَ فُقَرَائِهِمْ بِالِاجْتِهَادِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي السَّبِيلِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْيَتَامَى يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ أَثْلَاثًا قَالَ أَشْهَبُ: وَمَنْ قَالَ ثُلُثِي بَيْنَ بَنِي إخْوَتِي وَبَيْنَ بَنِي أُخْتِي وَبَيْنَ بَنِي فُلَانٍ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْعَدَدِ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ كَالْقَائِلِ ثُلُثِي لِفُلَانٍ وَفُلَانِ وَأَحَدُهُمَا فَقِيرٌ وَالْآخَرُ غَنِيٌّ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَيَقُولُ وَرَثَتُهُ قَدْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَضَافَ الْقَوْلَ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مِنْ الْمَالِ إلَّا مَا أَظْهَرُوهُ قَالَ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ عَلَى مَا ذُكِرَتْ إنْ فُسِّرَتْ الْوَصَايَا أَوْ أُجْمِلَتْ وَيَكُونُ لَهُمْ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] فَإِنْ أَبَوْا ذَلِكَ قَسَمُوا لِأَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ وَسَلَّمُوهُ إلَيْهِمْ فَتَتَعَيَّنُ حُقُوقُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثُّلُثُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَإِنَّمَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ تَجَاوَزَ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ إلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَكَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ وَيُمْنَعُوا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِي إنَّمَا مَنَعَ مِنْ الزِّيَادَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>