للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي سَلِيطٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى الْعَصْرَ بِمَلَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ لِلتَّهْجِيرِ وَسُرْعَةِ السَّيْرِ) .

ــ

[المنتقى]

يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ضَرُورَةِ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَهَذَا الْجِدَارُ وَإِنْ كَانَ غَرْبِيًّا فَلَيْسَ بِحَقِيقَةِ الْغَرْبِ لِأَنَّ قِبْلَةَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ إلَى وَسَطِ الْجَنُوبِ وَانْحِرَافُهَا إلَى الْمَشْرِقِ كَثِيرٌ فَجِدَارُهُ الْغَرْبِيُّ الَّذِي يَكُونُ لَهُ الظِّلُّ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَكِنَّهُ لَا يَمْتَدُّ الذِّرَاعَيْنِ وَنَحْوَهُمَا بِقَدْرِ الطِّنْفِسَةِ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّحْدِيدُ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ عَايَنَ الْمَوْضِعَ أَوْ عَرَفَ السَّعَةَ وَمِقْدَارَ ارْتِفَاعِ الْحَائِطِ.

وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ لِامْتِدَادِ الظِّلِّ وَانْحِرَافِ الْجِدَارِ فَيَكُونُ لَهُ ظِلٌّ قَبْلَ الْفَيْءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَائِطُ قَدْ غُيِّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَفْعٍ وَوَضْعِ رَفٍّ عَلَيْهِ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ زَادَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إيَاسُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ حَدَّثَنِي أَبِي وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ» فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْحِيطَانُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَيْسَ لَهَا عُلُوٌّ وَلَا رَفٌّ تَقْتَضِي الظِّلَّ فِي أَوَّلِ الزَّوَالِ أَوْ يَكُونُ خَبَرُ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حِيطَانٍ مُعْتَدِلَةٍ إلَى الْجَنُوبِ مِنْ دُورِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا.

وَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْصَرِفُونَ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ مَمْدُودٌ وَقَدْ زَاغَتْ الشَّمْسُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِذَا غَشِيَ الطِّنْفِسَةَ كُلَّهَا ظِلُّ الْجِدَارِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ يَعْنِي أَنَّ وَقْتَ خُرُوجِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ هُوَ إذَا غَشِيَ الطِّنْفِسَةَ كُلَّهَا ظِلُّ الْجِدَارِ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي كَانَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ ظِلُّهُ قَدْ غَشِيَ بَعْضَهَا قَبْلَ خُرُوجِ عُمَرَ وَقِيلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الزَّوَالُ وَقَوْلُهُ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ يُقَالُ الْجُمُعَةُ وَالْجُمُعَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى عِلْمِ السَّامِعِ بِالْأَمْرِ الْمُعْتَادِ الْمَشْرُوعِ فِي ذَلِكَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا بَسْطُ الطِّنْفِسَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُتَوَقَّى بَرْدُ الْأَرْضِ وَالْحَصْبَاءِ بِالْحُصْرِ وَالْمُصَلَّيَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ يُرِيدُ بِالْمُصَلَّيَاتِ الطَّنَافِسَ وَكُرِهَ أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ عَلَى فِرَاشٍ أَوْ يَتَّكِئَ فِيهِ عَلَى وِسَادٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْجُلُوسَ عَلَى الْفِرَاشِ وَالْإِتْكَاءَ عَلَى الْوِسَادِ يُنَافِي التَّوَاضُعَ الْمَشْرُوعَ فِي الْمَسَاجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَقِيلُ قَائِلَةَ الضَّحَاءِ بِفَتْحِ الضَّادِ وَالْمَدِّ حَرُّ الشَّمْسِ وَالضُّحَى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ ارْتِفَاعُهَا عِنْدَ طُلُوعِهَا قَالَ ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْقَطَّانُ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي الْمَمْدُودِ وَالْمَقْصُورِ وَبَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ يَجْعَلُ الضُّحَى وَالضَّحَاءَ مِثْلَ النَّعْمَاءِ وَالنُّعْمَى وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الضُّحَى مِنْ حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ يَرْتَفِعَ النَّهَارُ وَتَبْيَضَّ الشَّمْسُ جِدًّا ثُمَّ يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّحَاءُ إلَى قَرِيبٍ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الضُّحَى حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَالضَّحَاءَ إذَا ارْتَفَعَتْ وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرْجِعُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيُدْرِكُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنْ رَاحَةِ قَائِلَةِ الضَّحَاءِ بِالتَّهْجِيرِ إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ سُنَّتَهَا أَنْ يُهَجَّرَ إلَيْهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَأَنْ تُصَلَّى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لِأَنَّ فِي تَعْجِيلِهَا إدْخَالُ الرَّاحَةِ عَلَى النَّاسِ بِسُرْعَةِ رُجُوعِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَوَّلُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَآخِرُ وَقْتِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ عَلَى حَسَبِ انْقِسَامِهِ فِي الضَّرُورَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَآخِرُ وَقْتِهَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْجُمُعَةَ بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا كَوَقْتِهَا وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَالْفَضِيلَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهَا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضِعِهَا.

(ش) : قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>