للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْوَالِدَ يُحَاسِبُ وَلَدَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ لِلْوَلَدِ مَالٌ نَاضًّا كَانَ أَوْ عَرَضًا إنْ أَرَادَ الْوَالِدُ ذَلِكَ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِلَافٍ الْمَزْنِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَسْبِقُ الْحَاجَّ فَيَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ فَيُغَلِّي بِهَا، ثُمَّ يُسْرِعُ السَّيْرَ فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ فَأَفْلَسَ فَرَفَعَ أَمْرَهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ أَلَا

ــ

[المنتقى]

كَمَا لَوْ اسْتَهَمَا قَالَ وَالْإِبَاقُ كَالْمَرَضِ فِي ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَ فَمَالُهُ لِلَّذِي فِيهِ الرِّقُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالزُّهْرِيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ مَالُهُ بَيْنَ الْمُعْتِقِ لِنِصْفِهِ وَبَيْنَ الْمُسْتَمْسِكِ بِرِقِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ وَلِوَلَدِهِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ مَوْرُوثٌ بِالرِّقِّ فَلَمْ يُورَثْ بِالنَّسَبِ وَلَا بِالْوَلَاءِ كَالْمُسْتَرَقِّ جَمِيعِهِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ حَتَّى صَارَ لَهُ مَالٌ بِمِيرَاثٍ كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ كَانَ يَأْخُذُ لَهُ عَطَاءً فِي كُلِّ عَامٍ، ثُمَّ تَمَادَى الْأَبُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ الِابْنِ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا قَالَهُ مَالِكٌ هَكَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَقُولَ الْأَبُ إنَّمَا أَنْفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مَالِي لِأَرْجِعَ عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ أَفَادَ الْمَالَ دُونَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ فَضَلَ لِلْأَبِ شَيْءٌ عَنْ مَالِ الْوَلَدِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمَشَقَّةِ وُصُولِهِ إلَى مَالِ ابْنِهِ وَهُوَ مُخْتَزَنٌ عِنْدَهُ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَيَرَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ الْعَبْدُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ وَأَرْفَقَ بِهِ.

(فَرْعٌ) وَصِفَةُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ السِّنِينَ بِقَدْرِ غَلَاءِ كُلِّ سَنَةٍ وَرُخْصِهَا قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يَشْتَرِي بِهَا مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ، أَوْ ثِيَابٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ كَيْله وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ أُمٍّ، أَوْ جَدَّةٍ فَإِنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي مَالِ الْوَلَدِ، وَإِنْ أَبَتْهُ الْوَرَثَةُ مَعَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهَلْ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَمْ لَا قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ مُقِلًّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَالْيَمِينُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ بِهِ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَمِينَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَحْلِفُ وَجْهُ نَفْيِ الْيَمِينِ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَظَنٍّ دُونَ دَعْوَى وَلَا تَحْقِيقَ وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيهِ مِثْلِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ أَشْهَدَ بِذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ أَشْهَدَ بِهِ لَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ أَخْذَ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الِابْنِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَ مَالُ الِابْنِ عَيْنًا وَهُوَ عِنْدَ الْأَبِ يُمْكِنُهُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ فَلَمْ يَفْعَلْ لَمْ تَرْجِعْ الْوَرَثَةُ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ كَتَبَهُ الْأَبُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْآبَاءِ أَنْ يُرْفِقُوا الْأَبْنَاءَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْوَلَدِ عَرْضًا، أَوْ حَيَوَانًا فَلِلْوَرَثَةِ مُحَاسَبَةُ الِابْنِ بِذَلِكَ إذَا كَتَبَهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَجَدْت لِمَالِكٍ يُحَاسِبُونَهُ إذَا كَانَ الْمَالُ عَرْضًا وَلَمْ يَقُلْ كَتَبَهُ، أَوْ لَمْ يَكْتُبْهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ بِهِ فَهَذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ وَأَمَّا إذَا أَهْمَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكْتُبْهُ فَهَذَا الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَالَ الْأَبُ فِي مَرَضِهِ لَا تُحَاسِبُوهُ وَمَالُهُ عَرْضٌ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ جَائِزٌ نَافِذٌ وَلَيْسَتْ بِوَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ أَرَى أَنْ يُحَاسِبَ فِي الْعَيْنِ، وَإِنْ أَوْصَى الْأَبُ أَنْ لَا يُحَاسَبَ وَلَا يُصَدَّقَ فِي قَوْلِهِ كُنْت أُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِي وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>