للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ قَالَ إسْمَاعِيلُ فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَدًا مِنْ الْأَعَاجِمِ إلَّا أَحَدًا وُلِدَ فِي الْعَرَبِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ وَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِيرَاثُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ)

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالسُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَاَلَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ وَلَا وَلَاءٍ وَلَا رَحِمٍ وَلَا يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ

ــ

[المنتقى]

فِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ إسْلَامُهُ بِبَيِّنَةٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ شَهِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَتَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَإِنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ أَيْضًا وَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةٍ تَامَّةٍ فِي كَوْنِهِ مُسْلِمًا وَقَالَ سَحْنُونٌ الْمَالُ لِلْمُسْلِمِ مَعَ يَمِينِهِ، وَبَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ زَادُوا فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْأُخْرَى وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفَ الْحَالِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ النَّصْرَانِيَّةِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَدَّمَ الْعِلْمُ بِإِسْلَامِهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ لَكَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْمَوْرُوثُ كَافِرًا وَجَمِيعُ وَرَثَتِهِ كُفَّارًا فَاحْتَكَمُوا إلَيْنَا فَإِنْ رَضُوا أَجْمَعُونَ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وُرِّثُوا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ أَبَاهُ أَحَدُهُمْ رُدُّوا إلَى حَكَمٍ بَيْنَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ يُرِيدُ أَنَّهُ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ بِالْوَلَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ مُشَبَّهٌ بِالنَّسَبِ فَإِذَا مَنَعَ الْكُفْرُ التَّوَارُثَ بِالنَّسَبِ مَنَعَ التَّوَارُثَ بِالْوَلَاءِ، وَكَذَلِكَ الصِّهْرُ فَأَمَّا الْعَبْدُ يَمُوتُ وَلَهُ مَالٌ فَإِنَّ الْمَالَ لِسَيِّدِهِ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْمِيرَاثِ، وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ وَلِذَلِكَ لَا يُورَثُ بِسَبَبِهِ وَهُوَ أَقْوَى أَسْبَابِ التَّوَارُثِ فَكُلُّ مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رَقِّ مِنْ مُعْتَقٍ إلَى أَجَلٍ، أَوْ مُكَاتَبٍ، أَوْ مُدَبَّرٍ، أَوْ أُمِّ وَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ بِالْمِلْكِ إلَّا الْمُكَاتَبَ يَتْرُكُ وَفَاءً فَإِنَّهُ إنْ تَرَكَ وَرَثَةً أَحْرَارًا، أَوْ تَرَكَ زَوْجَةً وَأَوْلَادًا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ، أَوْ أَوْلَادًا وُلِدُوا لَيْسُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ وَالْأَوْلَادَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَاَلَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْكِتَابَةِ يَعْتِقُونَ بِأَدَاءِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ فَمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ لَمْ تَرِثْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ وَلَا أَوْلَادُهُ الْأَحْرَارُ وَوَرِثَهُ أَوْلَادُهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَاَلَّذِينَ وُلِدُوا فِيهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(ش) : قَوْلُهُ أَبَى عُمَرُ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَدًا مِنْ الْأَعَاجِمِ إلَّا أَنْ يُولَدَ فِي الْعَرَبِ وَأَمَّا مَنْ وُلِدَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ أَسْبَابُ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ فَأَمَّا أَنْ يُسَمَّى رَجُلَانِ يَذْكُرُ أَنَّهُمَا أَخَوَانِ فَإِنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ مِنْ الِانْتِسَابِ بِالْأُخُوَّةِ، وَلَكِنْ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ سُبِيَتْ امْرَأَةٌ وَهِيَ حَامِلَةٌ طِفْلًا تَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُهَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهَا فِي أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ بِذَلِكَ.

(فَرْعٌ) فَلَوْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ حَامِلًا فَوَلَدَتْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ تَوَارَثَا وَلَوْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ تَوَارَثَا بِالْأُخُوَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ.

(فَصْلٌ) :

فَإِنْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُ الْأَسْرَى يَكُونُونَ عِنْدَهُمْ فَيَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَيَشْهَدُونَ بِهِ فَإِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَعُرِفَتْ عَدَالَتُهُ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ التُّهْمَةِ أَنْ يَشْهَدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِمِثْلِ هَذَا فَيَتَوَصَّلُونَ بِذَلِكَ إلَى قَصْرِ أَمْوَالِهِمْ عَلَيْهِمْ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ أَهْلُ بَلَدٍ بِجُمْلَتِهِمْ فَبَقُوا فِي مَكَانِهِمْ أَوْ تَحَمَّلُوا بِجَمَاعَتِهِمْ فَيَشْهَدُونَ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُمْ يَقَعُ بِهِ الْعِلْمُ وَيَبْعُدُ عَنْ الْعَدَدِ الْكَبِيرِ التَّوَاطُؤُ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَزَالَتْ التُّهْمَةُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالسُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَاَلَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ وَلَا وَلَاءٍ وَلَا رَحِمٍ وَلَا يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>